أصبح موسم الصيف بالنسبة لعدد كبير من الشباب لا يعني على الإطلاق الراحة والاستجمام، فهم يعتبرونه الفرصة المواتية لتحصيل القليل من المال، من خلال عمل موسمي وهو في نفس الوقت يساهم في ملء أوقات الفراغ القاتلة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وقلة الإمكانيات المادية التي تسمح لهم بقضائه على الشواطئ المتواجدة عبر ولايات الوطن ما بالك بالسفرالى الخارج . وما يشجع هؤلاء على العمل خلال موسم الاصطياف ، إقبال المؤسسات العمومية على توظيف الشباب سواء كانوا حاملين للشهادات الجامعية أو لا، هذه الوظائف المحددة زمنيا تكون من شهر جوان إلى غايةاواخر أوت وهي الفترة التي تشهد تسجيل طلبات العطل من طرف الموظفين الدائمين وفيما يفضل بعض الشباب العمل في المقاهي وقاعات الأفراح والمطاعم هناك آخرون يتوجهون إلى الشواطئ والمسابح وحتى الفنادق، والملاحظ أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الرجال فقط بل حتى الفتيات أصبحن يقصدن مثل هذه الأماكن بحثا عن فرصة عمل تدرّ عليهن بعض المال لاستغلاله في اقتناء احتياجاتهن عوضا عن طلبها من الوالد، الذي يكون في غالب الأحيان غير مقتدر. هذا حال آمال عاملة كحارسة سباحة في أحد المسابح في العاصمة حيث تقول: "عطلة الصيف تشكل الفرصة المناسبة من أجل العمل بسبب توفر العديد من مناصب الشغل من جهة وأيضا لكوني طالبة ولا يمكنني أن أعمل خلال الموسم الدراسي، لذا فأنا أغتنمها من أجل جمع بعض المال الذي أصرفه في شراء حاجياتي وبالرغم من أن عمل المرأة في المسابح صعب نوعا ما إلا أنني مجبرة على ذلك،" هذه الفتاة لا تضيع هذه الفرصة التي تنتظرها بفارغ الصبر رغم أنها تتعرض للمعاكسات من طرف الشباب إلا أنها لا تبالي الشواطئ أكثر استقطابا لليد العاملة بين سباحين ونادلين ومنشطين في المخيمات الصيفية تتنوع الوظائف المتوفرة خلال فصل الصيف بالإضافة إلى تلك المتوفرة في المؤسسات حيث يتوجه الموظفون الدائمون بها لقضاء العطلة خلال هذه الفترة تاركين تلك المناصب شاغرة وهو الأمر الذي يفرض على الإدارة ملء هذا الفراغ بتوظيف العمال الموسميين من أجل الاستمرار في تقديم الخدمات عمر أحد الشباب الذي يشكل موسم الاصطياف بالنسبة إليه سترة الإنقاذ التي تغير من نمط الحياة الذي يعيشه خلال بقية أشهر السنة، والتي يعاني خلالها من البطالة حيث تعوّد هذا الشاب على العمل في هذه الفترة في أحد الفنادق كنادل وأصبح يملك من الخبرة في هذا المجال ما يؤهله للعمل بصفة دائمة، لكن ورغم الإمكانيات التي يملكها إلا أنه لم يتحصل على وظيفة مستقرة، وهو الأمر الذي لم يقلل من عزيمته وهو ما لاحظناه من خلال حديثه قائلا "العمل الموسمي كنادل أكسبني خبرة كبيرة وثقة في النفس في هذا المجال والقضية لم تعد مجرد عمل فقط وإنما تعوّد، حيث أصبح منصب العمل الموسمي في المطعم الذي اشتغل فيه معروفا وكل سنة أجده جاهزا ومع الكفاءة التي اكتسبتها أنا متأكد من أنني سأحصل في يوم من الأيام على عمل دائم إذا كان موسم الاصطياف بالنسبة للبعض يعني البحر والسباحة والاستجمام فهو للبعض الآخر يمثل العمل الدؤوب والفرصة المناسبة للكسب، حيث يتزايد خلال هذه الفترة إقبال الشباب على مختلف المهن مهما كانت طبيعتها ، فالبطالة التي طالت شريحة كبيرة من هؤلاء لم تترك لهم الخيار في عالم العمل مما جعل حاملي الشهادات الجامعية يطرقون أبواب الفنادق والمقاهي وغيرها من الأعمال التي لا تتماشى ومستواهم العلمي، كما هو الحال بالنسبة لامين متحصل على شهادة ليسانس في الترجمة حيث يغتنم هذا الأخير الفرصة خلال موسم الاصطياف ليشتغل في بيع المثلجات على مستوى أحد الشواطئ في العاصمة، مهنة تدر عليه بعض المال - يقول - والذي ينفقه في شراء الملابس مثل أقرانه لأنها لا تكفي لاقتناء أكثر من ذلك. للأطفال نصيب أيضا في العمل الموسمي يعتبر الصيف بالنسبة للأطفال أيضا فرصة مواتية للعمل، فبعد انتهاء الموسم الدراسي يتفرغ البعض من هذه الشريحة لمساعدة أهلهم في مصاريف المنزل لكن هؤلاء يمارسون أعمالا خطرة فتجدهم في الأسواق الموازية وكذا على حواف الطرقات يبيعون الخبز التقليدي أو المأكولات الشعبية وغيرها من المنتجات. محمد، أحد هؤلاء الأطفال كان يجوب شاطئ الكيتاني بحي باب الوادي وبحوزته سلة مليئة بالمحاجب، هذا الطفل الذي لم يتوقف عن النداء "محاجب سخونين وحارين" يحاول بهذه العبارة لفت انتباه المصطافين، اقتربنا منه وسألناه عن سبب عمله في فترة العطلة فرد قائلا: أنا يتيم الأب والمنحة التي تحصل عليها أمي من وظيفة والدي لا تكفي لسد احتياجاتنا، لذا اضطر للعمل في الصيف من أجل مساعدتها حيث تقوم بصنع المحا جب وأتولى أنا مهمة بيعها، ولا يمكنني العودة إلى المنزل حتى أصرفها جميعها. أمثال هذا الطفل كثيرون دفعت بهم الحاجة إلى العمل وهم في سن صغيرة معرضين لمختلف الأخطار، فيما يبقى الصيف الفرصة المناسبة للحصول على بعض المال ومساعدة أهلهم من جهة أخرى وتبقى الشواطئ تخطف اهتمام الكثير من الشباب الباحثين عن العمل الموسمي وتبقى هي الوجهة الأولى لغالبية اليد العاملة، خاصة وأن الحماية المدنية تعتبر المؤسسة الأولى التي توظف أكبر عدد من العمال الموسميين من أجل ضمان حماية المصطافين على طول الشريط الساحلي حيث قدر مناصب العمل المفتوحة في وجه هؤلاء 3249 منصب استفاد من خلاله شباب من العمل لمدة أربعة أشهر خلال موسم الاصطياف