أليس من المنطقي أن يكون عدم الاحتكام إلى العلم في أمور المسلمين مخالفا لروح القرآن الذي ينص بشكل صريح في أكثر من موطن على أهمية العلم والعلماء؟ عشية كل شهر رمضان المبارك، يعود الحديث الإعلامي عن خلافات الدول الإسلامية حول يوم الصيام، ونفس الخلاف يعود أيضا بخصوص يوم العيد. هذه الأمة الواحدة بنص القرآن الكريم، أصبحت أمة متفرقة بسبب "رؤية الهلال". وهناك اليوم جدل حامي الوطيس بين رؤية الهلال بالعين المجردة، ورؤية الهلال بالوسائل العلمية المتطورة. فعندما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الصوم لرؤية الهلال والإفطار لرؤيته، لم يحدد للمسلمين وسيلة الرؤية. والإسلام من المستحيل أن يعارض العلم وهو الدين الذي يحث على العلم، وجعل العلماء في مرتبة أعلى من غيرهم، بل جعلهم ورثة الأنبياء أيضا بنص صريح سليم من التأويل والمعارضة. وأطلق القرآن الكريم وصف السلطان على العلم، وقل أنه الوسيلة الوحيدة التي تمكن البشر من النفاذ في أقطار السموات والأرض. ومن المنطقي أن يكون عدم الاحتكام إلى العلم في أمور المسلمين مخالفا لروح القرآن. وإذا لم يصم المسلمون ولم يفطروا في يوم واحد في القرون السابقة، فإنه مع تطور العلم والتكنولوجيا أسقط مبررات الفرقة في يوم الصيام ويوم الإفطار، باعتبارهم "أمة واحدة" وإذا كان المؤمنون في توادهم وتراحمهم مثل البنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وإذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فما بالنا بالصيام ؟ إن التباين في الصيام وفي العيد دليل على أن الأمة الإسلامية الراهنة، أمة متفرقة وليست واحدة. لكن ما يلفت الانتباه أنه حتى علماء الفلك اختلفوا في يوم رؤية الهلال. فبعضهم يؤكد استحالة رؤيته يوم الأحد، بمعنى أن العيد سيكون يوم الثلاثاء، في حين رآه آخرون يوم السبت وصاموا يوم الأحد. فهل يعقل أن يحدث تباين في رؤية الهلال علميا أيضا وبواسطة وسائل تكنولوجيا متطورة إلى هذه الدرجة.؟ إن اختلاف رجال الفلك يعطي الشرعية لاختلاف رجال الفقه، ويضفي المصداقية على اختلافات رجال السياسة. فإذا صام الليبيون على رؤية القذافي، والسعوديون على رؤية الملك عبد الله، فإن الجزائريون لا يرون إلا ما قاله غلام الله وزير الشؤون الدينية والأوقاف، سوف نصوم لقوله ونفطر لقوله أيضا.كل عام والمسلمون بخير، صح صيامكم وقيامكم ، وكل سنة وأنتم طيبون.