شهر رمضان الكريم شهر الصيام والعبادة والتقوى وأيضا شهر الصدقات وإيتاء ذي القربى والمساكين، وهو مناسبة للتضامن والتراحم بين المسلمين فما بالك بأبناء الوطن الواحد. ولقد كان أهل البر والإحسان الذين يعملون على نشر الرحمة خلال هذا الشهر يقيمون مطاعم لكل من هو في حاجة يأتيها عند الإفطار، وكانت وسيلة جيدة من حيث أداء رسالتها وأيضا من حيث التستر لمن يريد أن يظهر فقره وحاجته للناس وقبل ذلك كانت الأسر الميسورة تبرمج خلال شهر رمضان إفطار بعض الأسر أو الأفراد من المحتاجين سواء من أهل الحي أو من أماكن أخرى يعملون على إيصال الإفطار لهم كل يوم وهي كلها تدل على التراحم والتضامن ولكن في إطار يظهر المودة أكثر من إظهار اليد العليا. أقول هذا الكلام لأن بدعة القفة التي أصبحت عنوان الفقر والحاجة في رمضان وليست عنوانا لمساعدة المحتاج أصبحت وسيلة من وسائل الإشهار خاصة وأنها تقفز بأرقام المحتاجين من سنة إلى أخرى وكأنها إحدى ركائز البورصة المالية إلا أنها دائما في تصاعد. لم يعد القفة التي أدرجت في ثقافة التضامن وهي ليست أبدا أي نوع من أنواع التضامن بقدر ماهي وسيلة لإشباع الجيوب العطشى إلى المزيد من الإكتناز على حساب أولئك المساكين من الجزائريين الذين أصبحوا رقما تحسب عليهم زجاجات الزيت وأكياس الفرينة والغالبية العظمى لاتصلهم وإن وصلتهم فلن تسد رمق يوم أو يومين. لقد أصبح نوعا من المزاد تتفاخر البلديات وكل الجهات المعنية بعدد الآلاف من القفف التي تدعي أنها وصلت إلى فقراء البلدية ، وهؤلاء الفقراء يشكون ويبكون ويستغيثون بأن شيئا لم يصلهم بل أنها أصبحت وسيلة من وسائل المحسوبية، فمن كانت له حظوة عند مسؤول من المعنيين ب "القفة" فقد تصله أما من كان منسيا فعلاقتة مستمرة مع النسيان. بعض الصحف تقول بأن " القفة" التي نسمع تقديراتها بالملايير تقول بأن ما تحتويه لايسد رمق عائلة متوسطة ولايشكل مواد أساسية و البعض منها قد إنتهت صلاحيتها، فهل هذه هي صدقة الدولة للمحتاجين من أبناء هذا الوطن• لاأقول بأن الدولة عليها أن تراقب وتتابع كل صغيرة وكبيرة بدءا من إتخاذ القرار إلى تعبئة القفة إلى وصولها للمعنيين ولكني أقول أين المراقبة والمحاسبة .. كل سنة نسمع أرقاما خيالية بالمليارات مخصصة "للقفة" ورغم كل مايقال عن هذه "القفة" لم نسمع أن نوعا من المحاسبة قد تم وأعلن للناس حتى يعرفوا بأنهم ساهموا فعلا في مساعدة المحتاجين من أبناء هذه الأمة.. أما القول والتباهي وحتى إعلان ذلك بالصور التلفزيونية والفقراء في طوابير على"القفة" تكاد تكون خاوية، فليس من باب التراحم والتضامن والتعاطف أنه يدخل في باب الرياء والنفاق إن لم أقل في باب تبذير المال العام، فرفقا بفقرائنا وشيئا من إعفاء هؤلاء المساكين من المذلة والمهانة وإتبعو قول الله عزوجل يأيها الذين آمنوا لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى صدق الله العظيم