بعض الكتابات الصحفية في هذا البلد تشعرك بالغثيان في أحايين كثيرة، وبعضها يثير الشفقة في النفس على جمهرة الصحفيات والصحفيين خاصة في الصفحات الثقافية والفنية. هذه الكتابات التي تشي بالمستوى المتدني لأصحابها تؤكّد ذاك العرف المهني الكريه الذي دأب عليه الناشرون حينما يوجهون "أردأ" الصحفيات وحتى المبتدئات لهذه الأقسام في جرائد لغتها الإثارة وأسلوبها المتاجرة بحياة الناس وإنجازاتهم وفضح سيرهم ولو تطلّب ألأمر أن تصبح الجريد نشرية أمنية أو مخابراتية أو حتى فنية..! أُفرغت الصحافة الجزائرية من تقاليدها ومهنيتها أو تكاد، فتحوّلت على أبواق للدعاية لبعض الأعمال وإلى منابر لقذف إعمال أخرى ومحاولة الإطاحة بها والانتقاص من قيمتها، وتجاوز الأمر حدّه حينما تُنصّب صحفية ما في جريدة ما نفسها حارسة على الذوق العام وجودة النصوص والأعمال الدرامية. المشكلة أن الحالة ليست واحدة بل تكاد تشعر بأن التنافس بين بعض الصحف على الانتشار جعلّها تُقلّد بعضها البعض، فتتعدّد الحالات وتخرج تلك الكتابات متشابهة من حيث المضمون الذي يحطّ بغير حق ولا موضوعية من قيمة بعض المسلسلات الرمضانية التي يعرضها التلفزيون. اللافت أن بعض الكتابات عارية تماما من الموضوعية ويلجأ من كتبها إلى إصدار أحكام عامة ومطلقة تبخس حق العاملين في هذا الميدان وهم كُثر ويتمتّعون بالموهبة والقدرة الفنية، وأنا هنا أتحدّث عمّا كُبت حول "عمارة الحاج لخضر" للفنان لخضر بوخرص و"عائلة الجمعي" للمخرج الرائع جعفر قاسم. من المؤسف أن ما يكتب يوضع تحت خانة النقد والنقد من ذلك براء، لأن التجريح صار آفة بين الجزائريين يقطّعون بعضهم البعض حسدا من عند أنفسهم، ويكاد الأمر يصير "علامة جزائرية مسجّلة" ويعرفها حتى الضيوف العرب والأجانب من الفنّانين الذين يزورون الجزائر في المناسبات والمهرجانات. هو نقص التجربة والمهنية لدى الصحافة الجزائرية تجعلنا نجزم بضحالة ما ينشر من نقد فني على صفحاتها، والأولى لهؤلاء الناشرين السماسرة أن يموّلوا دورات تكوينية في الصحافة المتخصصة في كل المجالات لصالح عمّالها بدل البحث عن الربح السهل على حساب جهود العاملين في مختلف القطاعات والذين يجتهدون ويخطئون ويصيبون مثلما هو الحال في دول الجوار ولهم أجرهم أيضا. أما بعد: كفّوا عنّا هذه الضحالة النقدية الإعلامية..أرجوكم..!