غاب النقاش في الساحة الجزائرية حول انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الإقتصاد الجزائري، رغم أنه يستحيل أن لا تمسنا أزمة خطيرة بحجم الأزمة الحالية التي قررت أمريكا تخصيص نحو 700 مليار دولار لإنقاذ الإقتصاد الأمريكي. و700 مليار دولار هي مبلغ ضخم للغاية، وهو يساوي المبلغ الكامل الذي أنفقته أمريكا على حربيها في العراق وأفغانستان منذ 2001 وطيلة ثماني سنوات كاملة. كل الدول الأوربية والمحللون الإقتصاديون والماليون يتوقعون نهاية للرأسمالية ونهاية العولمة بل ونهاية حتى هيمنة الدولار على الإقتصاد الدولي بعد سيطرة دامت نحو 60 سنة. إن الأزمة المالية الحالية تنذر بجمود الإقتصاد الأمريكي وركوده، وبدون شك فإن ركوده سيؤدي بالضرورة إلى ركود في الإقتصاد العالمي ككل. وعندما يحدث الركود فبدون شك سيقل الطلب على النفط، وحينها بالضرورة سينزل السعر إلى أدنى مما توقع المراقبون، أي ربما إلى تحت خط 37 دولار للبرميل، وهو السعر الذي اعتمده قانون المالية لعام 2009 للبترول ، وبالتالي فنحن الدول النفطية الذين نعتمد في حياتنا من الولادة حتى الممات على النفط سنصاب بأزمة أو صدمة أخطر من أزمة أمريكا وأخطر من صدمة 73 وأخطر من أزمة 86 ، لأننا نراهن على مداخيل النفط للخروج من الأزمة وتحقيق التنمية بعد ركود طال أمده. إن الإحتياط المالي الذي تملكه الجزائر من العملة الصعبة وهو في حدود 140 مليار دولار لا يكفي سوى لسد خمس سنوات من واردات الجزائر الضرورية المتمثلة أساسا في الغذاء والدواء. وحسب التقديرات فإن فاتورة الإستيراد للعام 2009 ستكون في حدود 34 مليار دولار. إن الإدعاء بأننا في مأمن ليس سوى حديث سياسي ظرفي بسبب غياب ساحة سياسية حقيقية وبسبب غياب جو النقاش العام. فعندما انهار نظام صدام حسين في العراق، وهو انهيار شبيه بالأزمة المالية الحالية، فقدت كل الدول الدائنة للعراق ديونها، في شكل " مسح الديون " ، بمعنى خسرتها بسبب الإحتلال. وليس مستبعدا أن الدول التي لديها سندات الخزينة في الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تخسرها أيضا، أو تخسر منها نسبة معتبرة بسبب توجه دولي نحو فقدان الدولار سطوته على السوق الدولية. عندما حدثت الأزمة العالمية لعام 1929 ، لم تنج منها الجزائر أيضا، وقد دون ذلك المفكر مالك بن نبي في مذكراته " الطفل " ، وكان حينها العالم " قرية كبيرة ومتباعدة"، فهل بعد أن أصبح العالم " غرفة إلكترونية صغيرة " ذات العملة " الواحدة " والنظام المالي والسياسي الواحد ، نصبح نحن أكثر بعدا عن الأرض ؟ إن حالة الطوارئ ضرورية.