يبدو أن سياسة المملكة المغربية في الصحراء الغربية وتمادي الرباط في تجاهل الشرعية الدولية، ثم إصرارها وبدعم أمريكي وفرنس واضح على فرض خيار الحكم الذاتي على الصحراويين قد انقلب عليها كما ينقلب السحر على الساحر، حيث استغلت الحركة الأمازيغية الانفصالية في الريف المغربي فرصة دفاع الملك محمد السادس المستميت على "فضائل" الحكم الذاتي في الصحراء الغربية لتوجه بدورها بيانا طالبت فيه التمتع بنفس الحق والسماح لما أسمته ب "شعب الريف" بالحكم الذاتي ودستور ينظم "الدويلة" التي يصبون إلى تحقيقها. دعت التنسيقية العامة ل "الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف"، في بيان أصدرته مباشرة بعد خطاب الملك محمد السادس الأخير، بمناسبة ذكرى مسيرة العار التي يسميها المغاربة "المسيرة الخضراء"، والذي تناول فيه ملف الصحراء وملف الجهوية، الجهات العليا في البلاد، تمكين حركتها بحق الوجود القانوني، في اتجاه تغيير قانون الجمعيات والأحزاب السياسية نحو الاعتراف بحق الحركات والأحزاب الجهوية في الوجود الشرعي والقانوني، وفق مواثيق حقوق الإنسان والحق في الاختيار السياسي الحر. وقالت "الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف" إن "نظام الحكم الذاتي للريف لا يمكن أن يقوم دون ترسيم اللغة الأمازيغية بالمغرب ضمن دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا، واللغة الريفية، وهي لهجة محلية "شلحية" تعد من بين لهجات اللغة الأمازيغية والمعروفة، في الدستور الجهوي الريفي" مشيرة إلى ?ن "أية حدود لبلاد الريف لا يمكن أن تقوم بدون التشاور الواسع مع الشعب الريفي". كما تحدثت "الحركة" في نفس البيان عن ضرورة مرور الحكم الذاتي للريف "عبر نظام استثنائي يتم تضمينه ضمن نص دستور انتقالي يؤمن للريف التعويض عن الدين التاريخي، عن طريق التعويض عبر مسلسل استثمارات مباشرة وغير مباشرة للدولة، في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والبنيات التحتية التي تعرف نقصا". وطالبت "الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف" من نظام المخزن في الرباط، "تناول المستقبل السياسي للريف بكل جدية ومسؤولية وفق التطلع المشروع للشعب الريفي في بناء بلاده، ضمن مغرب حر، فيدرالي ديمقراطي ومتعدد، معترفا بهويته الأمازيغية وبانتمائه الشمال إفريقي والمتوسطي"، وعبرت من جهة أخرى عن استعدادها للحوار حول نظام الحكم الذاتي للريف، إلى جانب كل القوى والهيآت الريفية ولتحديد نموذج التعايش الديمقراطي بين جميع المغاربة، حسب نص بيان هذه الحركة المغربية الانفصالية. وتستوحي «الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف" مطلبها بالحكم الذاتي لمنطقة الريف، من مشروع"الأطروحة الفكرية للحركة السياسية الريفية" التي أعدها سليمان بلغربي و كريم مصلوح، عضوا الحركة ذاتها، والتي حددت من بين أهدافها الأساسية الدفاع عن نظام الحكم الذاتي الموسع للريف يتيح للريفيين حكم أنفسهم وامتلاك القرار السياسي والاقتصادي الذي يهم مصالح الريفيين، حماية مستقبلهم، وتقول الوثيقة إن نظام الحكم الذاتي من شأنه أن يخلصنا من أوضاع الفقر و الأمية وأزمة قطاعات الصحة والتشغيل و التعليم، في مقابل رجحان كفة الاقتصاد غير المهيكل، وأنظمة الربح غير المنظمة وغير الإستراتيجية، التي تجعل الريف مجرد إقليم للاغتناء و قاعدة خلفية للهجرة. للإشارة عاني سكان الريف المغربي، الذي يسميه المغاربة "ريف المقابر الجماعية" أكثر من باقي مناطق المملكة الأخرى من الاضطهاد على مر العقود الماضية، ولا زال يواجه العديد من المشاكل التنموية، فمنطقة الريف تعد من أفقر جهات المغرب، يواجه سكانها، وهم في الغالب من الأمازيغ الفقر المدقع والعزلة وانعدام ابسط ضروريات الحياة، وغياب شبه كلي للتنمية وللبنية التحتية، رغم أن هذه المنطلقة أعطت الكثير للحركة التحررية في المغرب، وأحسن دليل على ذلك مقاومة الريف المغربي ضد الاحتلال الاسباني بقيادة عبد الكريم الخطابي. وبرأي العديد من المتتبعين فإن الخطاب الأخير للعاهل المغربي محمد السادس الذي تحدث فيه عن النظام الجهوي واستعمله كأداة لتمرير رسائله حول "فضائل" الحكم الذاتي الذي تسعى الرباط إلى فرضه عنوة وبالقوة وبمشاركة بعض القوى الدولية على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا، من شأنه أن يعطي مبررا للتيارات الانفصالية في المملكة على غرار "الحركة من أجل الحكم الذاتي في الريف" لمضاعفة ضغوطها، على اعتبار أنه من غير المنطقي أن يحاول نظام المخزن فرض خيار الحكم الذاتي على شعب يرفض هذا الطرح بقوة، في حين يمنعه عن شعب يطالب به للتخلص من نظام المخزن القائم على التجويع والإذلال.