من أعجب ما سمعت عن الأستاذ المحترم فاروق قسنطيني أنه ينوي دعوة بوتفليقة إلى أن يشدّد العقوبات على كل من يضرب زوجته أو حتى ينوي الضرب برفع يده عليها إن شهد عليه الجيران..! مصدر عجبي ليس التهوين من وجود ظاهرة ضرب الزوجات في المجتمع الجزائري والتي تعود إلى جذور دينية وتاريخية يصعب إلغاؤها أو محاربتها بنصّ قانوني مثلما يوصي بذلك رئيس الهيئة الاستشارية لحقوق الإنسان في تقريره السنوي الذي سيقدّمه للرئيس، كما أن الظاهرة في طريق الزوال وترتبط أساسا بالمستوى الثقافي وتقدّم المجتمع وحقوق المواطنة.. ولستُ في هذا المقام من أنصار الشيخ شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين التي لم تستسغ إثارة هذا الموضوع وتضمينه التقرير السنوي، بالرغم من اعترافي بوجود ظاهرة تلذّذ بعض النساء اللاّئي ينتشين في ضرب أزواجهن..! ما أعجب له ومنه بتعبير أهل البلاغة أن يطفو إلى السطح مثل هذي الترّهات الاجتماعية، فهل انتهت قضايانا الاجتماعية ومشكلاتنا الحضارية حتى ننزل إلى قضايا ليست أولوية في حياتنا؟ رسّمنا حقوق الإنسان في هذا البلد ولم يبق إلاّ ضرب الزوجة؟ لماذا نتباكى على حقوق يبدو الدينُ الإسلامي متهما بأنه أهدرها لأن النصّ القرآني يأمر بضرب الزوجة الناشز ضربا غير مبرح تأديبا لها؟ ثم بربّك يا فاروق قسنطيني، أين هم الرجال الذين يضربون زوجاتهم في مجتمع بدأ يفتقد الرجولة و"الفحولة" في السنوات الأخيرة؟ أنا أسألك سؤالا غير بريء وفيه كثيرا من اللؤم: من يضرب من ؟ لقد أهدرنا فرصا كثيرة للإقلاع الاقتصادي والنهضة في محطات كثيرة بعد الاستقلال لأننا افتعلنا نقاشات عقيمة وخزعبلات سياسية خالية تماما من الجدّية والتخطيط السليم ومن رؤية تحفظ حقوق الإنسان وترسّم آفاق المواطنة الحقّة التي تعني عدم مصادرة رأي الأغلبية والمساواة بين الجنسين وحرية الرأي والصحافة.. من يضرب من، يا فاروق قسنطيني، وأنت ترى الحقوق الأساسية، السياسية والاقتصادية تكاد تُهدر إلى درجة أنها مسّت كرامة الرجال وامتهنت ظروفهم حتى رضخوا لسلطة موازية ومتصاعدة للمرأة خاصة المستقلّة ماديا؟ هذه السياسات الركيكة والظروف البائسة التي علّقت المواطن من جميع الجهات جعلت مقياس الرجولة عنده في انخفاض دائم ولم يعد يملك السيطرة في بيته خاصة في الإنفاق الذي رفع الله به الرجل عن المرأة..! أدعوك يا فاروق قسنطيني أن تضمّن تقريرك السنوي دعوة للرئيس بوتفليقة كي يرسّخ في هذا البلد إجراءات تحفظ للذكور رجولتهم أو ما تبقّى منها عسى أن يستفيد المجتمع من فحولية الجزائري وشهامته التي تقوم على فلسفة: "ما عندناش وما يخصناش"..! [email protected]