وصل الوضع بمجلس قضاء قسنطينة أمام الإضراب المتواصل الذي شنه المحامين إلى حالة انسداد، وقد لجأت محكمة الجنايات لمعالجة قضاياها إلى الاعتماد على المادة 271 من قانون الإجراءات الجنائية لمحاكمة أحد المتهمين وتحكم عليه بعام حبسا نافذا في قضية محاولة هتك عرض قاصر. وقد وجدت المحكمة الجنائية بقسنطينة نفسها في مأزق كبير أمام الإضراب المتوصل للمحامين، لولا المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية التي تجيز بصفة استثنائية الترخيص للمتهم أن يعهد بالدفاع عنه لأحد أقربائه أو أصدقائه، وكان اختيار المتهم أن يوكل والده في الدفاع عنه في القضية التي راحت ضحيتها المسماة "د.أمينة" 19 سنة عندما زارت هذه الأخيرة شقيقة المتهم في تاريخ 18 مارس 2008 بحكم علاقة الجيرة التي تربطهما وحاول المتهم الاعتداء عليها جنسيا داخل مسكنه، لولا مقاومتها له وتمكنها من الهروب. وأمام الإضراب المتواصل للمحامين فقد تحول والد المتهم إلى دفاع ليرافع عن ابنه بدل المحامي، ويتعلق الأمر بالمدعو "خ.عبد الفتاح" 35 سنة، موقوف منذ 9 أشهر، وقد أنجزت محكمة الجنايات في هذا الإطار محضرا يثبت فيه المتهم بتوقيعه الشخصي أنه أوكل والده الدفاع عنه بدلا من المحامي، وبعد الاستماع إلى المتهم ووالده الذي تحول إلى "محام" التمست النيابة العامة بإدانة المتهم بخمس سنوات سجنا نافذا، وبعد المداولة القانونية أصدرت المحكمة حكما قضائيا تدين فيه المتهم بعام حبسا نافذا، بعدما التمس المتهم من الهيئة القضائية تبرئته من الجناية المتابع فيها. الغريب في الأمر أن والد المتهم كان يدافع على كلا الطرفين مرة يرافع لابنه المتهم وأخرى يؤكد فيها أمام هيئة المحكمة أن الضحية تتمتع بسمعة طيبة وذات أخلاق حسنة بشهادة الجيران، أي أنه تقلد دورين دفاع المتهم ودفاع الطرف المدني، وهو السؤال الذي طرحه المختصون إذا ما كان والد المتهم مؤهل أن يرافع عن متهم معرض لعقوبة خطيرة دون الاعتماد على ذوي الاختصاص، خصوصا وأن القضية تتعلق بمحاولة هتك عرض قاصر، وهي جريمة يعاقب عليها القانون، وحضور المحامي في القضايا الجنائية "إجباري" وقاعدة جوهرية. وما زاد الوضع سوءا وتأزما هو عجز المحكمة عن توكيل محام لمتهمان وهما من الأحداث متابعان في قضية تزوير أوراق نقدية بقيمة ذات سعر قانوني في الإقليم الوطني لا تقل عن 5000 دينار، بعدما تم العثور بحوزتهما 27 ورقة نقدية مزورة بقيمة 50 مليون سنتيم ويتعلق الأمر بالمدعو "ب.صلاح الدين" و"ر.حسين"، وقد حاول شقيق المتهم صلاح الدين وهو المدعو "ب. زكريا" أن ينوب المحامي في الدفاع عن شقيقه وتبرئته من تهمة التزوير، لكن المحكمة المخولة وفقت عاجزة إزاء هذا الموقف كون شقيق المتهم كان أصغر سنا من أخيه و هو ما لا يسمح به القانون حسب تدخل رئيس الجلسة. وإزاء هذا الوضع أكد المحامون على مواصلتهم كمقاطعة الجلسات الجنائية حتى لو تحتم الأمر إلغاء الدورة الجنائية بكاملها حتى تتخذ الوزارة المعنية إجراءاتها في رد الاعتبار للمحامي وتعديل قانون الخاص الذي يضمن الحقوق المادية و المعنوية لذوي الجبة السوداء.