نشرت صحيفة وطنية صادرة أمس نتائج عملية " سبر للرأي " أجرتها في المجتمع الجزائري، وخلصت إلى قضيتين هامتين : الأولى أعتقد أنه مبالغ فيها، والثانية أعتقد أنها منطقية. وكل نتيجة تضع على عاتق النظام مسؤولية محددة. النتيجة الأولى مفادها أن نصف المجتمع الجزائري حاول أن " يحرق " لما وراء البحار. وهذه أعتقد أنه مبالغ فيها، ولا تخضع للمنطق العلمي الذي تقوم عليه " عمليات سبر الرأي " المحكومة بعملية إحصائية دقيقة. ربما تكون النتيجة قد خضعت للقراءة الإعلامية، حيث تعودنا نحن الإعلاميون على " التعميم " وإصدار الأحكام على الإطلاق، بينما العلم لا يخضع لهذا المنطق، وكذلك عمليات سبر الرأي المحكومة بمنهج علمي في الإجراء والتحليل. فالنتيجة المتوصل إليها حسب ذلك السبر تعني أن نحو 15 مليون جزائري قد حاول الهربة .. وهذا رقم مبالغ فيه جدا. وإذا صح فهذا يعني أن هناك شرخا حقيقيا بين النظام والشعب. فالنظام الذي يحكم 33 مليون تتراوح أعمارهم بين سنة وقرن من العمر، ويحاول نصفهم " الحرقة " بطريقة نتيجتها أقرب إلى الموت منها إلى الحياة، يعني أنه فقد ركنا هاما من أركان السيادة. وهي ظاهرة تستدعي المعالجة العاجلة، فحتى لو حرق جزائري واحد ، فيجب أن تحدث حالة طوارئ. أما القضية الثانية، فتتعلق بجهل غالبية الجزائريين بالقوانين، وصراحة هذا صحيح في معظم جوانبه، فهي قضية معاشة يوميا. وتعكس هذه النتيجة نقص الثقافة القانونية ، وهذه بحاجة إلى تفسير أعمق، ومن بين أوجه النقاش للموضوع، هو أن الترسانة القانونية بكل تشعباتها وتفاصيلها يصعب هضمها وإدراكها، ما يعني أنها تبقى في متناول المختصين فقط. وربما أن الشارع الجزائري مقتنع أن القوانين التي تحكمه لا يتم احترامها عمليا، وبالتالي لا داعي لفهمها ومعرفتها. إن غياب الإهتمام بالقانون يعني غياب الثقافة السياسية وهي تعني أيضا غياب الإهتمام السياسي، أو قلته. والنتيجة ستكون منطقية بالضرورة. وهي نتائج سبر الآراء المذكور ، حتى لو كانت فيها مبالغة في القراءة حسب تقديري الشخصي.