لبنان وحده جدير بالولاء المطلق،والولاء العربي المحكوم بأخلاقيات المنطق الأخلاقي غير قابل للقسمة بين المتصارعين في حلبة مفتوحة دوما على صراعات مستوردة تأخذ إشكالا مذهبية، يدفع ثمنها الشعب اللبناني المثخن بجراحات حروب أهلية مضت. والحرب التي بدأت وضعت دستور لبنان جانبا، واستفزت الشارع المندفع بانفعالات غير محسوبة، لا يدرك المتقاتلون أنفسهم مخاطرها على مستقبل الشعب اللبناني لحسم ما لم يحسم في منابر الحوار الوطني المتكسر بحشرجات صراع المصالح الإقليمية. وتجتذب الحرب الخصوم إليها، وتضع امن الشرق الأوسط على حافة الهاوية، وتعلق بيروت رغما عنها الشرائع الديمقراطية في رفوف أرشيف دستوري ، حين يفقد الدستور قدسيته في إدارة شؤون مجتمع يتنوع بمذاهبه وأعراقه رغم صغر المساحة الجغرافية التي يحتلها وضآلة تجمعه البشري عدديا، ويعجز عن حسم الصراع التقليدي في الجغرافية اللبنانية المنحسرة ،فيطلق العنان للقوى السياسية باعتماد آلياتها ونظمها في فرض وجودها وبلوغ أهداف منتظرة.. و الحرب التي بدأت في بيروت، ستتجاوز مساحات انطلاقها ،وتتخطى حدودها التقليدية لتأخذ شكلها الإقليمي الأوسع من خارطة اشتعالها عند آخر حافات حوض البحر الأبيض المتوسط ،ولن تجد أطرافها موقفا مؤيدا لعبثية قوة السلاح الذي ينعكس بآثاره السلبية على واقع الأمن القومي العربي. لبنان هو الأبقى، والسلاح الذي يطوق بيروت اليوم لن يحتفظ بذخيرته إلى الأبد ،وكل شئ قابل للنفاذ ،والمتصارعان المدججان بوسائل القوة المسلحة فقدا نهائيا قدرة الحوار الذي يغلق أبواب الثكنات العسكرية ويشرع أبواب المؤسسات الدستورية القادرة وحدها على إحياء مبادئ التوافق الوطني. ويبقى لبنان رغم كوارث الاهتزازات ألأرضية التي تثيرها قواه ألسياسية المستوردة لهوية حضورها ألوطني محافظا على بديهية وجوده المتوارثة معبرا عن أصالة وجوده العربي المتحصن من محاولات التهجين القسري...