في مشهد من أبشع المشاهد التي تمر على الإنسانية، وفي غفلة من الليل، أصابت صواريخ الطائرات الحربية الإسرائيلية منزل المواطن أنور بعلوشة في مخيم جباليا، وكانت الفاجعة بتلك الأجساد الغضة التي أصابتها شظايا الصواريخ، لتحول أجساد خمس طفلات أخوات بريئات إلى أشلاء ودماء تتناثر في المكان المدمر. "جواهر 4 أعوام، ودنيا 8 أعوام، وسمر 12 عاما، وإكرام 14 عاما، وتحرير 17 عاما"، هن الأخوات الشهيدات، اللواتي باغتهن صاروخ غادر وهن نيام، أما الوالد والوالدة وثلاثة من أبنائهم الآخرين فقد أصيبوا بإصابات مختلفة نتيجة هذه الغارة، فيما بقي الضحايا نصف ساعة تقريباً حتى تمكنت أطقم الإسعاف من انتشالهم من بين الركام، بعد نداءات استغاثة، وصرخات من المحاصرين تحت الركام. وتوثيقاً لهذه الجرائم، التي ترقى لتكون جرائم حرب إبادة، وثّق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقرير له، اليوم، سقوط 22 طفلا ما بين شهيد وجريح، خلال الليلة الماضية وفجر اليوم، وبهذا يرتفع عدد الشهداء من الأطفال خلال الأيام الثلاثة من العدوان المتواصل على القطاع، ليصل إلى 31 شهيدا، وأكثر من 140 جريح. وكان سبق جريمة استشهاد الشقيقات الخمس في جباليا، جريمة مماثلة في مدينة غزة، حيث أطلقت قوات الاحتلال صاروخا باتجاه منزل المواطن عبد الله كشكو، أدى إلى استشهاد طفلته ابتهال 8 أعوام، وزوجة ابنه ميساء 22 عاما، وشهدت محافظة رفح جريمة مماثلة بحق الأطفال، راح ضحيتها ثلاثة أطفال أشقاء هم "صدقي 3 أعوام، وأحمد 12 عاما، ومحمد 14 عاما"، بعد استهداف منزلهم بصاروخ بشكل مباشر، في حين أصيب والدهم ووالدتهم وأشقائهم الثلاثة بجروح مختلفة، وأصيب أطفال آخرين من جيرانهم نتيجة شدة القصف. ولم تتوقف معاناة أطفال غزة عند الأطفال الشهداء والجرحى، فكل أطفال غزة يعيشون حالة رعب وخوف دائمة، نتيجة للقصف المتواصل، ولأصوات الانفجارات التي تهز القطاع بأكمله ليل نهار ودون توقف، حتى بات الطفل يخشى أن ينام في الليل ولا يصحو أبدا، فالصواريخ تتربص، والطائرات تقذف بحممها دون رحمة، أو تفريق بين كبير وصغير. وجدد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقريره، إدانته لتلك الجرائم، والتي تعكس مدى استهتار قوات الاحتلال بأرواح المواطنين وخاصة الأطفال، واعتبر أنها أعمال انتقامية وعقاب جماعي، خلافاً لاتفاقية جنيف الرابعة، وحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة المدنيين في القطاع. ودعا المركز المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف تلك الجرائم، وجدد مطالبته للأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية، والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية، وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال.