أمريكا تدرس بجدية كل احتمالات التعامل مع إيران وتغيير أسلوب معالجة ملفها النووي، وحتى إن كانت النوايا الأمريكية محل ريبة فإن المؤكد أن هناك تعاملا واقعيا مع الوقائع والتطورات على الأرض، وإذا كان الهدف لم يتغير، وهو منع إيران من أن تصبح قوة إقليمية كبرى مؤثرة، فإن وسائل بلوغ هذا الهدف قد تتغير. مع مجيء الرئيس الأمريكي الجديد إلى البيت الأبيض، عمدت إيران إلى إطلاق قمر صناعي بواسطة صاروخ محلي الصنع، وأول الاستنتاجات جاء من فرنسا ويقول أن هذا التطور خطير لأنه يعني أن هذه القدرات التكنولوجية يمكن أن تكون لها استخدامات عسكرية مستقبلا، ومع هذا فإن الغرب يسعى جديا إلى التوصل إلى اتفاق مع إيران لتجنب أي مواجهة محتملة. الأنظمة العربية التي تعودت على التفريط في كل الحقوق حتى تتجنب أي مواجهة مع إسرائيل أو مع أمريكا، تشدد لهجتها حيال إيران، وتتعمد إهدار كل فرص التقارب معها رغم أن ما يجمعها بإيران أكثر مما يفرقها عنها، ولأن أمريكا أمرت هذه الأنظمة بالسعي إلى عزل إيران فإنها أصبحت تبرر مواقفها منها بما حدث في العراق، حتى خيل للناس أن الذي العراق محتل من قبل إيران لا من طرف أمريكا، وأكثر من هذا هناك من العرب من يسعى إلى إقناع تركيا بتغيير مواقفها من إسرائيل وحماس لأنها بذلك تقترب من الموقف الإيراني، وبدل تعزيز الموقف العربي بالموقفين الإيراني والتركي يصر العرب على إعادة تركيا إلى المساندة الكاملة والعمياء لإسرائيل وحثها على المشاركة في مساعي محاصرة إيران وإضعافها. لا ندري أي أرض تقف عليها بعض الأنظمة العربية حتى تشعر بهذه القوة التي تجعلها تتعمد استعداء إيران، فحتى أوروبا وأمريكا، وهي القوى العظمى التي يرتعد الحكام العرب عند ذكرها، تتصرف بصبر وحكمة مع طهران، فهل يشعر العرب بالنخوة في مواجهة إيران فقط؟ أم أن أيام المناذرة وملحمة ذي قار هي كل ما بقي في ذاكرة عرب الألفية الثالثة؟.