إلتأمت أخيرا جل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في العالم العربي بعمان عاصمة القطر الأردني الشقيق موسومة ب " ثقافة الانتخابات في العالم العربي". ناقش ممثلو الدول الحاضرة ثقافة الانتخابات في العالم العربي وحقوق الإنسان، الديمقراطية، الحرية، آليات الرقابة، التي لم ينشأ إعلانها العالمي سوى سنة 2005، والذي هو بصدد التصديق عليه، والذي سيتبع لا محالة بمدونة سلوك تتعلق بالمراقبين. لكن ولسان الحال أبلغ من لسان المقال، ماذا يفعل عطار الوطن العربي أمام ما يفسده : 1- صندوق النقد الدولي 3- منظمة التجارة العالمية 4- منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 5- الشركات المتعددة الجنسيات التي هي مؤسسات لا تحمل ودا لأحد ولا ترعى له ذمة، بمعنى أنها لا تبالي بالحوار ولا بالنقاش الديمقراطي، ولا تمارس مهامها على وقع نتائج الانتخابات، ولا تخضع لسيادتها في أي مستوى كان وتحت أي طائلة أو رأي أو شأن. إذ أنّ المسيرين لعالم اليوم ليسوا أولئك الذين يمسكون بزمام السلطة السياسية الظاهرة للعيان، إنما هم أولئك الذين يتحكّمون في شأن الأسواق المالية ويديرون أمرها ويتولون تسييرها، مضاف إليهم كبريات المؤسسات الإعلامية. فالانتخابات التي هي الآلية الوحيدة لإشاعة الديمقراطية بين الناس، وتجسيد حرية التعبير في أرض الواقع، فإنه وبعد أن تخلّص العالم من الأنظمة الاستبدادية تدريجيا عبر الأزمنة المتعاقبة، استلمته تلك المؤسسات التي صارت تسيطر على المسؤولين التنفيذيين وأحكمت قبضتها على المنتخبين سواء بالاستخفاف برأي المواطنين وحرمانهم من ممارسة مهامهم على أحسن وجه وأكمل صورة، وإما باضطرار بعضهم إلى التواطؤ معها، الأمر الذي يسير نحو عادمية جدوى الانتخابات. قد تكون هذه الأسباب مجتمعة وغيرها، جعلت المجتمعات تفكر فيما يجعل الإنسان في أولى درجات اهتمامات عالم اليوم ... وهي تشعر بذلك كان لابد أن تبحث عن بديل للصفقات الانتخابية التي صار مردود ربح الكائن البشري فيها ضامر جد مقتضب، بدائل تساعدها على إيجاد سلاح تواجه به هيمنة السلطة المالية، كسلطة كونية حديثة تعمل على التقليص من حجم دائرة الديمقراطية التي كلما انكمشت مساحتها تفسح المجال واسعا أمام عدم المساواة وانتشار المظالم. والحال هذه، ومن خلال اتخاذ المظاهرات السلمية في أكبر عواصم العالم أسلوبا جديدا للتعبير، ومنهجا لنصرة القضايا العادلة والمطالب الإنسانية البحتة، فإن البديل المنشود ما يكون إلا ذلك المولود الذي بدأت ملامح وجوده تظهر بوضوح أكثر من أي وقت مضى، والذي تمثل ملامحه تلك، مختلف التشكيلات غير الحكومية التي يتعزز دورها وفعلها باطراد كسلطة مدنية مناهضة، لما أنشأته التعددية من هوايات وثقافات مضطربة صارت تفرق ولا تجمع لصعوبة التحكم فيها، إذ كثيرا ما كانت سببا في وجود همجية تغيّب الاحتكام إلى الشرعية القانونية، وتتجاهل حقوق الشعوب، حيث يشتد على الناس طوق الابتزاز، الجريمة المنظمة، شبكات الإرهاب، تبييض الأموال، إثارة العصبيات والنعرات، وإيقاظ الفتن، بل حتى ارتكاب جرائم الإبادة – إبادة البشر – وقمع الفكر، والتلاعب بنتائج الانتخابات بالنسبة للدول الكبرى واعتبارها في العالم النامي مجرد أفيون ...!؟