يجد الشعب الفلسطيني الموزع في الشتات نفسه وهو يفتقر لقيادة تمتلك الشرط ألأخلاقي في حمل أمانة أمة أتبعتها دروب ألمنفى، وأثقلت رأسها الضربات التي تتلقاها في كل مكان حطت فيه الرحال. وإذ تتفاقم المشكلة الفلسطينية في الداخل حتى اصطدمت بطرق مزدحمة بالحواجز والعراقيل التي تثقل كاهل الشعب الفلسطيني، تتضاءل بتفاقمها القيادات الفلسطينية وهي تفقد شيئا فشيئا مبررات وجودها العبثي في إدارة القضية المصيرية الأكبر. والقيادات التي تعددت في فصائل مازالت ترفع شعارات:" ثورة التحرير حتى النصر" أتعبتها التخمة، واستسلمت لما بلغته من رخاء في زمن القحط الفلسطيني، واستهوت لعبة السياسة والصراعات، في أداء وظائف وجودها ألذي أخذ أشكال الانحراف في أزمنة الفساد الإداري الذي يجتاح العالم. وانحصر دور فصائل التحرير العاجزة عن إيجاد قاسم مشترك فيما بينها، في الوقوف أمام شبابيك الصرف البنكي الآلي لاستلام المكافأة المرسلة من حاضناتها التي تتاجر بالقضية الفلسطينية في أسواق تصريف المصالح وتنفيذ الاستراتيجيات التوسعية في مناطق الهيمنة. وظلت تتباهى اليوم بعمق تناحرها الداخلي المفضوح في موائد المصالحة التي نصبتها القاهرة، وتختبئ وراء شعارات يدرك الشعب الفلسطيني زيفها، مبررة تناحرا غير مسموح به في زمن المواجهات المصيرية التي يتوقف على حسمها مصير أمة تظل متمسكة بحق البقاء. وأثبتت قيادات الترف "الثوري" ان الخيار المفروض على فصائلها المنعمة بفضلات الموائد الدولية و الإقليمية بفتح حوار متكافئ هو خيار لن يكتمل في الواقع السياسي ليبقى عقبة كأداء في طريق النضال التحرري المؤجل لمقتضيات دبلوماسية. وحسمت "إسرائيل" أمرها من قبل و"ناتن ياهو" لن يختلف مع "ليفني" على الثوابت، ووضعت القوى الفلسطينية بعلمانيتها وأصوليتها في نطاق السيطرة الأمريكية- الإسرائيلية عبر مختلف الأدوات المتاحة في ملاعب السياسية. لكن الثوابت في لغة الفصائل الفلسطينية هي جوهر الخلاف الأكبر في طاولات الحوار غير المجدي..ليظل الصراع يدور حول البرنامج الوطني الفلسطيني في إدارة شؤون السلطة الفلسطينية استنادا إلى الشرعية الفلسطينية والشرعية العربية والشرعية الدولية انطلاقا من الالتزام بالاتفاقات الموقعة في الماضي من قبل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. ويتعثر الحوار المعطل في دوائره الرسمية في ظل غياب شرطي الحوار القائمين على أساس فتح حوار وطني يلتقي مع مبادئ الإرادة الدولية المتنفذة، يقبل بتطلعات القوى ألإقليمية ويعترف بطموحاتها التوسعية في اقتسام مناطق النفوذ في خارطة الشرق الأوسط. ويعد تقابل الشرطين في وجود متكافئ ابعد من مرمى البصر، ويوسع في فجوات التباعد القصوى غير القابلة للردم حتى في حدود التعاطي مع المأزق السياسي الذي يفضح خواء القيادات الفلسطينية التي استنفذت مبررا ت وجودها، وخذلتها نزالات التناطح بين عمامة الفقيه وقبعة العم سام.