ساد التفاؤل الحذر الأوساط السياسية في لبنان قبيل مغادرة ممثلي الفرقاء اللبنانيين مع اللجنة الوزارية العربية إلى الدوحة لبدء جلسات الحوار مساء أمس، فيما استعادت بيروت والمناطق الأخرى حركتها الطبيعية مع إعادة فتح كل الطرق وإزالة السواتر الترابية والإطارات والعوائق. وقد افتتح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني جلسات الحوار الوطني اللبناني الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي في فندق شيراتون بالدوحة بحضور القادة اللبنانيين ال14 من فريقي الموالاة والمعارضة. وترأس الحوار رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، كما شارك فيه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وأعضاء اللجنة الوزارية المكونة من ثمانية وزراء خارجية عرب. وأكد رئيس الوفد العربي إلى بيروت أول أمس أن القيادات اللبنانية التي تشارك في الحوار هي من الصف القيادي الأول، لكن حزب الله تمثل برئيس كتلته النيابية محمد رعد بدلا من أمينه العام حسن نصر الله لأسباب أمنية. وتم الاتفاق بين الفرقاء اللبنانيين على عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الأحداث الأخيرة، والإنهاء الفوري للمظاهر المسلحة بكافة صورها، واستئناف الحوار على مستوى القيادات (الصف الأول) وذلك وفق جدول أعمال يشمل نقطتين هما حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخابات الجديد. ويشمل الاتفاق كذلك تعهد الأطراف "بالامتناع عن أو العودة إلى استخدام السلاح أو العنف بهدف تحقيق مكاسب سياسية". والتزام الأطراف بعدم استخدام لغة التخوين والتحريض السياسي والمذهبي. وردا على سؤال عن وجود ضمانات فعلية لعدم اللجوء إلى السلاح مجددا، أكد حمد بن جاسم وجود هذه الضمانات ضمن بنود الاتفاق. واعتبر في مؤتمر صحفي مشترك مع أمين الجامعة العربية أن هذا البند هو أهم البنود التي تم الاتفاق عليها. ونفى المسؤول القطري أن يكون اتفاق الدوحة بديلا عن اتفاق الطائف، مشيرا إلى أنه مبني على الدستور اللبناني وحوار الطائف وموضحا أن السعودية وسوريا أيدتا اللجنة الوزارية والاتفاق. ومن جانبه أعرب الأمين العام للجامعة العربية عن أمله أن يسفر حوار الدوحة عن انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية خلال أيام. وردا على سؤال بشأن حكومة الوحدة الوطنية قال موسى لقناة "إل. بي. سي" إن الجامعة العربية لن تتدخل في تفاصيل الحكومة واختيار الوزراء، مشيرا إلى أن الأمر منوط برئيس الجمهورية فقط. وقبيل مغادرته بيروت إلى الدوحة دعا زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الفرقاء اللبنانيين إلى تقديم تنازلات من أجل وأد الفتنة. وشدد جنبلاط -أثناء تجمع شعبي في الجبل حضره الآلاف من أنصاره في مدينة عاليه- على ضرورة الحفاظ على العيش المشترك خاصة بين الدروز والشيعة، وحل الخلافات عبر الحوار وليس بالسلاح رغم ما وصفه بالجرح الكبير. وجاء كلام جنبلاط بعد زيارته خصمه التقليدي رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان الذي نقل من جهته عن جنبلاط تأكيده على دور أهل الجبل في حماية ظهر المقاومة. ومن جهته قال النائب علي خريس من كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري إن الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية وقانون انتخابي سيدفع بالمعارضة إلى رفع فوري للاعتصام في وسط بيروت وإنهاء كل أشكاله. ورغم جو التفاؤل فإن مصدرا دبلوماسيا عربيا في بيروت حرص على عدم الإفراط فيه، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عنه قوله "علينا أن نكون حذرين لأن المشاكل عميقة بين الطرفين وسنكون في حاجة لجهود كبيرة لإنجاح الحوار".