أوردت المعطيات الأولية لتقييم مسار ثلاث سنوات من اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، مؤشرات سلبية لحالة شبيهة ب "الاستنزاف" الذي طال الاقتصاد الوطني الذي لم يجن سوى تسجيل ارتفاع غير مسبوق في قيمة الواردات من الاتحاد التي بلغت 80 بالمائة كونها تجاوزت عتبة 20 مليار دولار مقابل صادرات ب 1 مليار دولار، يقابلها عراقيل يواجهها المستثمرون الجزائريون المتجهون نحو أوروبا. كشف شريف زعاف المدير العام للتجارة الخارجية بوزارة التجارة، أن التقييم الأولى لعملية تطبيق اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي يؤكد وجود خلل واضح في الميزان التجاري خارج المحروقات، حيث لم يتوان في وصف الوضع بأنه "لا يزال غير متوازن" وذلك لفائدة الاتحاد الأوروبي ويقابله ذلك ضعف واضح في الاستثمارات الأوروبية بالجزائر. وبحسب الأرقام التي أفاد بها زعاف الذي كان يتحدث أمس في تصريح للصحافة على هامش أشغال ملتقى إطلاق برنامج دعم تجسيد اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، فإن "الجزائر تستورد ب 20 دولار لكل دولار من التصدير"، والأكثر من ذلك فإن المسؤول أعلن أيضا أن الصادرات الجزائرية خارج المحروقات نحو دول الاتحاد تبقى "هامشية" باعتبار أنها بلغت 1 مليار دولار سنة 2008 مقابل واردات بقيمة 8.20 مليار دولار من ذات المنطقة. وفي محاولة لتبرير أسباب ضعف الصادرات الجزائرية خارج المحروقات نحو الاتحاد الأوروبي، أرجع شريف زعاف ذلك إلى كون "المتعاملين الجزائريين يواجهون صعوبات تتعلق بالظروف التقنية والقانونية لدخول السوق الأوروبية التي تعد الأكثر تشددا"، في حين أشار إلى أن الواردات من الاتحاد الأوروبي تشكل واردات الجزائر الإجمالية منها نسبة 55 بالمائة. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد لأن الأرقام التي كشف عنها المدير العام للتجارة الخارجية بوزارة التجارة أن الاقتصاد الوطني لم يجن أي فائدة منذ دخول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في سبتمبر 2005، فقد عرفت الواردات الجزائرية من الاتحاد منذ 2005 ارتفاعا بحوالي 80 بالمائة منتقلة من 2.11 مليار دولار إلى 8.20 مليار دولار سنة 2008، لكن مع ذلك فإن "الصادرات الجزائرية نحو الاتحاد الأوروبي فإنه تغلب عليها المواد المنجمية الخام والبتروكيميائية". وبخصوص أصناف السلع التفضيلية التي منحتها الجزائر للاتحاد الأوروبي في إطار اتفاق الشراكة أشار شريف زعاف إلى أن هذه السلع التفضيلية قد استهلكتها بلدان الاتحاد الأوروبي بشكل كلي، وفي المقابل فإن الجزائر لم تستهلك سوى 6 من بين 41 التي منحها الاتحاد الأوروبي بنسب ضعيفة لا تتعدى 10 بالمائة. كما أوضح المتحدث من جانب آخر أنه إذا كان الاتحاد الأوروبي قد عزز حصصه في السوق الوطنية يلاحظ في المقابل "نقص كبير للمستثمرين الأوروبيين في الجزائر خصوصا في القطاعات خارج المحروقات وغياب آلية دائمة للشراكة وتراجع مع مرور السنين للامتيازات الممنوحة للجزائر سنة 2002"، وخلص زعاف في الأخير إلى أن العمل الأكثر أهمية الذي ينبغي القيام به هو تحقيق دراسة آثار تطبيق اتفاق الشراكة. ومن جهة أخرى أكد عيسى زلماطي مدير برنامج دعم تنفيذ اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي أن إجراءات إطلاق هذا البرنامج في الجزائر حققت تقدما كبيرا، مضيفا في المناسبة ذاتها أن الجزائر قطعت سبع مراحل في إطار تنفيذ اتفاقية التمويل الموقعة مع الاتحاد الأوروبي لتطبيق البرنامج. وأوضح في هذا الصدد أن الجزائر عينت نقطة اتصال وطنية ووضعت وحدة تسيير البرنامج وحددت 30 نقطة ارتكاز في الوزارات الجزائرية المعنية ووظفت خبيرا في الدعم بوحدة تسيير البرنامج وباشرت الدعم التقني لدعم وحدة تسيير البرنامج، مضيفا أن "مبدأ هاتين الآليتين يرتكز على وضع الخبرة العمومية لدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تحت تصرف المستفيدين على المدى البعيد والمتوسط". وقد حددت خارطة الطريق لتنفيذ اتفاق الشراكة مجالات العمل ذات الأولوية لسنتي 2009-2010 والمتمثلة في مرافقة الإصلاحات الاقتصادية والسياسات التجارية، ويتعلق البرنامج المقرر لمدة 30 شهرا بإقامة خمس عمليات توأمة بين إدارات جزائرية وأوروبية وتنفيذ 30 عملية مساعدة تقنية وتبادل المعلومات و تكوين أدوات التدخل في هذا البرنامج ومرافقة الطاقم الوطني لوحدة تسيير البرنامج و تنظيم ملتقيات وورشات موضوعاتية.