ينتاب الخوف و الهلع جميع التلاميذ المقبلين على امتحانات مصيرية يتحدد فيها مستقبلهم و مدى اجتهادهم في العمل والمثابرة من أجل تحصيل نتائج مرضية ، فكما تقول الحكمة " يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان " و يتجلى أولئك الذين ثابروا واجتهدوا و يتكلل عملهم بالنجاح من أولئك الذين قضوا الأيام و الشهور في الاستهتار و اللعب و يحول هؤلاء تدارك الأمر بالمراجعة والتركيز في الأيام القليلة التي تسبق ذلك اليوم المصيري ،و تنتاب الأسرة موجة من القلق و الخوف لا تنتهي إلى عند ظهور النتائج . فتدب في نفوس التلاميذ خلال هذه الفترة موجة قلق و خوف تتزايد مع اقتراب ذاك اليوم المصيري الذي يثبت فيه التلميذ لعائلته مدى اهتمامه بدراسته و بعبر لهم من خلال النتائج المتحصل عليها عن امتنانه لهذه العائلة التي وقفت إلى جانبه في أشد المواقف وساندته ووفرت له الجو المناسب من أجل النجاح، حيث يتحول المنزل إلى مكان هادئ يؤخذ فيه بعين الاعتبار الجو السائد و يسعى الجميع الى توفير الهدوء للتلميذ المقبل على الامتحان بينما يتمحور تفكير هذا الأخير و اهتمامه على ما قد تكون عليه الأسئلة المطروحة في هذه الامتحانات، هل ستكون في حدود ما اجتهد في تحصيله ؟، أم أن هناك أشياء،قد لا تكون منتظرة من طرف الجميع . وعليه تنتاب التلاميذ مشاعر مختلفة من حيرة و قلق خوفا من المفاجئات التي قد تقع ويحاول قدر المستطاع أن يكون على استعداد لمواجهة كل ما من شأنه أن يقف في وجه نجاحه، ويحاولون مواجهة ذلك بحزم ويقظة ويتخطون الحاجز النفسي، وهذا يتوقف على مدى استعداد التلميذ لهذه المرحلة التي يفتح له المستقبل أبوابه من خلالها، وبالرغم من أن ما يطرح من أسئلة يدخل في إطار ما درسه التلميذ، إلا أن هذا لا يمنع من تسلل الخوف إلى قلوب هؤلاء . قلق وخوف من يوم الامتحان و لمعرفة مدى استعداد تلاميذ امتحانات الطور الابتدائي لهذا اليوم الذي حدد في السابع والعشرين من هذا الشهر ،اقتربنا من البعض منهم و الذين بدو لنا لأول وهلة أنهم لم يبلغوا بعد السن التي تؤهلهم لاجتياز امتحان يحسب له ألف حساب فللسنة الثانية على التوالي يتوجه تلاميذ السنة الخامسة ابتدائي والمقدر عددهم ب 700 ألف تلميذ إلى الامتحانات النهائية للتعليم الابتدائي ،حيث عبر لنا هؤلاء من تخوفهم من هذه الفترة رغم المطالعة والمراجعة المستمرة لدروسهم لكن ما لاحظناه من خلال حديثنا معهم اختلاف من حيث المنهجية المتبعة من طرف البعض في المطالعة وكذا عدم توفر الظروف الملائمة والتي من شأنها أن تساعدهم على التركيز وضبط المعلومات، والتي تكون في الغالب عفوية ولا تستند إلى أي منطق علمي في غياب موجه و هذا لا يمنع من وجود فئة تحرص الأسرة على توفير كل الظروف الملائمة للتحضير للامتحان . و يسعى بعض التلاميذ رغم صغر سنهم لحصد ما تم زرعه طيلة أيام السنة، حول ذلك ، قال لنا وليد تلميذ بمدرسة محمد خميستي بحسين داي ، أنه يحاول خلال الامتحانات النهائية أن يثبت النتائج الحسنة التي تحصل عليها في دراسته ، و قد اعتمد في استعداده لها على مراجعة جميع الدروس منذ بداية السنة الدراسية و ذلك من خلال وضع تصميم لكيفية الحفظ، والمراجعة، ويحاول رفقة مجموعة من أصدقائه على الاستعداد معا ، كما تعود دائما لأن ذلك يثبت المعلومات التي يحصلون عليها. وعلى عكس الأول وجد محمد صعوبة في التحضير بسبب الظروف الصعبة التي يعاني منها في البيت نظرا لأزمة السكن التي تعاني منها عائلته و هو الأمر الذي جعل الحفظ والمذاكرة في البيت مستحيلة أمام الضجيج الذي يحدثه إخوانهباستمرار و لكن رغم ذلك لم يستسلم هذا الأخير للأمر و أصبح يراجع في منزل زميل له، بالإضافة إلى عدم اكتراث الأسرة لحاله و تجاهلها للفترة الصعبة التي يمر بها. من جهتها أضافت أميرة تلميذة مقبلة على امتحانات التعليم الابتدائي، أنها خائفة جدا من الفشل في الامتحان لذا تقضي وقتا طويلا منزوية لوحدها، وهي الحالة التي تكون عليها خلال فترة امتحاناتها تؤكد أمها التي كانت برفقتها مشيرة أنها تكون بجانبها لأطول فترة ممكنة كي تخفف عنها . وأمام إحدى المؤسسات التعليمية لفت انتباهنا مجموعة من التلاميذ يستهترون و يتبادلون أطراف الحديث بأصوات متعالية، تقربنا منهم، وحاولنا معرفة إن لم يكونوا من المعنيين بالامتحانات، لكن كانت دهشتنا كبيرة عندما رد أحدهم قائلا أنهم معنيين لكن لا يكترثون، وأضاف آخر نفس الشيء حيث عبر بصراحة و هو في هذه السن عن رغبته في ترك مقاعد الدراسة والتوجه إلى العمل، هذه العبارة كانت كافية لنا، وأدركنا أنه كما يوجد فئة مجتهدة ومتفانية، هناك أخرى لا تبالي بمصيرها . أجواء المنزل أهم عوامل النجاح حاولنا معرفة الدعم الذي يقدمه الأولياء لأبنائهم في هذه المرحلة الحرجة من حياتهم الدراسية السنوية، حيث كشفت بهذا الخصوص نوال أم لخمسة أطفال "أنها تترك لأبنائها حرية اختيار الطريقة الأنسب للاستعداد ، والمهم بالنسبة لها أن يكونوا جادين في عملهم،ناهيك عن توجيههم بين الحين والأخر و توجيه النصيحة لهم وتذكيرهم بأهمية الدراسة في الحصول على مناصب راقية ". ومن جانبه أكد عبد القادر أب لتلميذين، أنه يعمل دائما على تدليل الصعوبات لأبنائه كتوفير دروس للتقوية، و الحرص على تهدئة نفسيتهم. و يلعب الآباء والمدرسين دورا كبيرا في تبديد هذا الخوف الذي ينتاب التلاميذ وهم مقبلون على اجتياز الامتحانات، حيث أكد لنا أستاذ في الطور الابتدائي ، على أن المدرس يستطيع التخفيف من حدة هذه المخاوف، من خلال ترويض التلميذ وتعويده على أجواء الامتحانات و تبديد مخاوفه ". فهذه الفترة بالذات، أي فترة الامتحانات، و التحضير لها يتوقف على التلاميذ واستعدادهم النفسي و معرفتهم في التعاطي إيجابيا مع الكم الهائل من الدروس المطروحة أمامهم لترتيبها وإيجاد آلية منهجية لاستيعاب محتوياتها ،كما يساهم الجو السائد في المنزل على التحضير الجيد للتلميذ من خلال توفير الظروف الملائمة كما أن الضغط الممارس من طرف الأسر على أبنائهم خلال هذه الفترة يزيد من درجة خوفهم و قلقهم و يتسبب في بعض الأحيان في فشلهم.