استمتع جمهور المسرح الوطني محيي الدين باشطارزي وفي إطار العروض المتنافسة على جوائز طبعة القدس 2009 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف بمسرحية الحراس" التي إقتبسها وأخرجها مدير المسرح الجهوي لبجاية المخرج المسرحي عمر فطموش عن رواية "الحراس" للروائي الطاهر جاووت المسرحية وأشرف على المعالجة الأدبية المخرج الجزائري المغترب بفرنسا "حميد واعمر" مدير مسرح "جون شارل" بمرسيليا، فيما تكفل المبدع صاحب البصمة المميزة في المجال السينوغرافي عبد الرحمان زعيوني على تصميم العمل. فيما حرك النص ويجسد أدواره الرئيسية كل من بلقاسم كعوان، شامك كمال، فريد شرشالي، جوهرة ووسام،آيت مدور مونية ،معمرية رشيد ،درغلة جوهرة، موهدب نسيم ،أحسن عزازني ،ورداني مليسة ،بوكموش سفيان ،خلفاوي الطاهر إعتمد المخرج عمر فطموش في مسرحية ''الحراس'' على الخروج عن المألوف والسائد في تقاليد العمل المسرحي ومفاجأة الجمهور بلغة حية نادرة وبمزيج من الأإاني المعبرة الحاملة للهم الإنساني تكشف مدى تفسخ المجتمع وتراجعه القيمي وإطلالة على مكانة المثقف داخل المجتمع العربي ومن خلاله الجزائري المغلفة بالريبة والخوف من روح النقد التي تشتعل بها رؤية المثقف بعيدا عن السذاجة ، واتسم العمل الذي حافظ إلى أبعد الحدود روح ومنجز الرواية والنص الأصلي "الحراس "للراحل المغتال الطاهر جاووت الجرأة من خلال إظهار الهوة بين المجتمع والحكام، وتهميش المثقف المسرحية التي صفق لها الجمهور الذي إكتضت به قاعة محيي الدين باشطارزي إعجابا بما تحمله من دلالات قوية تفاعل معها بقوة حيث اتسمت بكثير من الجرأة الغائبة والتي طالما عرف بها المخرج والكاتب عمر فطموش باعتباره فنانا ملتزما ، تروي المسرحية وعلى مدار الساعة والنصف من الزمن المسرحي يوميات محفوظ لمجد شاب يعمل كأستاذ جامعي إخترع آلة نسيج، تقدم بملفه إلى مقر البلدية من أجل الحصول على شهادة اعتراف بمشروعه وبراءة إختراعه حتى لا تضيع حقوقه ، ليلتقي بمسؤولين همهم الوحيد الرداءة و تكريس البيروقراطية لتحقيق مآربهم الشخصية بشتى الطرق الغير شرعية لملأ بطونهم الخاوية و المشبعة بالنهب والرشوة تحت غطاء الشرعية الثورية. وسط هؤلاء تطفو شخصية منور زيادة المجاهد الذي أراد التغيير وتسليم المشعل للمثقفين، إلا أنه يعاني من التشكيك في ماضيه الثوري كلما أراد تبرير رأيه، ليتعرض للضغوطات، منها إجباره على لعب دور المراقب على المثقف. هنا ينهار الطرفان (داعي التغيير والمثقف) ليعود كل منهما إلى المجتمع الذي يحتضنهما، ليعاود محفوظ لمجد المخترع مواجهة الإدارة، السلطة والحكام، عندما يطالب بجواز سفر يمكنه من المشاركة في معرض دولي في ألمانيا للتعريف باختراعه، حيث يستدعي من طرف مصالح الأمن التي تطرح عليه حوالي 30 سؤالا يتعلق بتوجهه السياسي وعلاقته بالمعارضة والتظاهرات الشبانية ينتقل محفوظ لمجد إلى ألمانيا أين يفوز بجائزة دولية اعترافا بمنتوجه التقني ، ليتحول إلى نجم عالمي وتتهافت عليه وسائل الإعلام ، تقع البلدية في مأزق، تحاول الخروج منه بتوجيه اتهامات باطلة للإدارة ومنور زيادة، المجاهد الذي أراد التغيير، يقترحون عليه الموت مقابل تلقيبه بشهيد يطلق اسمه على شارع أو مستشفى أو ملعب.. وإلا يتم تزييف ماضيه الثوري وتحميله مسؤولية التعرض للأستاذ المخترع . وتوشحت المسرحية بروح الفنان القبائلي المغتال معطوب الوناس وفي عمله الجديد يواصل المخرج عمر فطموش مشواره المسرحي بالنهل من الرواية الجزائرية ودلك بعد تجربته "النهر المحول " 2007 للإشارة الطاهر جاووت ولد بتاريخ 11 جانفي 1954، بأزفون، وتحصل على شهادة جامعية في الرياضيات والاتصال ليعمل بعدها في المجال الإعلامي، تعرض لمحاولة اغتيال يوم 26 ماي1993م ليتوفى يوم الثاني من جوان من نفس السنة تاركا رصيدا أدبيا كبيرا معظمه بالفرنسية، ومن آثاره ”انقلاب شائك” ديوان شعري 1975،”العصفور المعدني” 1982، روايتا ”منزوع الملكية” و”الباحثون عن العظام” 1984، وكذا ”اختراع الصحراء” 1984، ”منتخبات شعرية جزائرية” 1984، ورواية ”العسس”.1991