الجدل المحتدم بين السياسيين في العراق والكويت يعيدنا عقدين إلى الوراء، فنفس الاتهامات التي وجهها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لحكام الكويت في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات يطلقها اليوم أعضاء البرلمان العراقي المشكل في ظل الاحتلال الأمريكي، والغريب أن ردود الفعل من الجانب الآخر لم تختلف كثيرا عن تلك التي سمعناها طيلة عقد التسعينيات وإلى غاية الغزو الأمريكي واحتلال العراق. هناك قضية التعويضات العراقية للكويت، وهي فضيحة بكل المقاييس، كان المراد منها نهب مال العراق ومنعه من تجاوز آثار الحصار الوحشي المدمر الذي فرض عليه لثلاثة عشر عاما، وما كتبه الغربيون عن قصة التعويضات هذه يبقى وصمة عار في كل من تورط فيها، وقد كانت القرارات الخاصة بصندوق التعويضات كلها إبداع أمريكي، وهي جزء من خطة محكمة لتدمير العراق كان الغزو والاحتلال هو أكثر حلقاتها تقدما، ثم هناك المسائل السياسية المتعلقة بإخضاع العراق للبند السابع من ميثاق الأممالمتحدة، وهو ما يجعله معرضا للعدوان في كل الأحوال بحجة أنه يهدد الأمن والسلم الدوليين ويجوز استعمال القوة ضده. طيلة السنوات الماضية كانت حجة الكويتيين ومن يقف في صفهم هو أن ما اتخذ من إجراءات كان ضد النظام العراقي وليس ضد العراق، واليوم يتضح أن الأمر لا علاقة له بالنظام، فقد تغير النظام، واغتيل الرئيس صدام حسين، ولا شيء تغير في وضع العراق، فهو خاضع، بإلحاح كويتي، للبند السابع، وأمواله تنهب تحت عنوان التعويضات، ويحدث هذا في ظل حكومة عراقية موالية للاحتلال، وهو ما يعني أن المستهدف هو العراق ككيان وشعبه، وليس النظام القائم. الأسباب التي دفعت العراق إلى دخول الكويت في 1990 لا تزال قائمة إلى حد الآن، وما يجري اليوم هو دليل جديد على أن الكارثة التي حلت بالعراق في سنة 2003 لم تكن بسبب ما سمي مغامرة الرئيس العراقي بل بسبب المؤامرات المستمرة والتي تمسك بخيوطها أمريكا وينفذها جيران العراق.