والمساهمة بذلك في خفض نسبة الاكتظاظ في المؤسسات العقابية، التي جعلت من الحفاظ على كرامة السجين أمرا مستعصيا، مضيفا أنه لابد أن يكون السجن آخر الحلول في التعامل مع المتهمين عندما يكونون على درجة من الخطورة. واقترح أندي باركلي على السلطات الجزائرية المكلفة بتسيير السجون عدم الاعتماد فقط على بناء مؤسسات عقابية جديدة لمواجهة مشكل الاكتظاظ، الذي لا يعد صفة لصيقة فقط بالسجون الجزائرية، وهو حال السجون الأوروبية والآسيوية، لأن هذه التجربة لم تحقق النتائج المرجوة، وتبين أنه على قدر إنشاء مؤسسات عقابية جديدة ستمتلئ بالاستمرار في نفس السياسات في التسيير. وقال المتحدث، أمس، في ندوة صحفية بالمديرية العامة لإدارة السجون في ختام زيارته للجزائر، أن المطلوب وضع إجراءات إضافية لخفض عدد المساجين، منها اعتماد العقوبات البديلة واللجوء إلى الإفراج بكفالة أو الوضع تحت الإقامة الجبرية بالنسبة للمحبوسين مؤقتا. وفي ذات السياق، دعا أندي باركلي إلى توجيه المساجين غير الخطيرين إلى العمل لفائدة المجتمع من خلال المنظمات غير الحكومية، خاصة فيما يتعلق بملف مكافحة المخدرات، ولكن دون منحهم المقابل كصيغة اقتصادية التكلفة وفعالة. وعن وضعية السجون الجزائرية التي زارها، قال الخبير البريطاني إن بعضها تحسنت، ويتعلق الأمر بأربع مؤسسات عقابية نموذجية، فيما بقيت بعض السجون في وضعية غير مقبولة، واستدل المصدر بشهادات بعض المساجين تحصل عليها من خلال لقاءات انفرادية حول عدد مرات الاستحمام أسبوعيا، والتي قال إنها لا تتجاوز الواحدة، بالإضافة إلى تغيير البذلة مرة واحدة فقط، أما عن النوم فقد اشتكى السجناء من القاعات التي ينام فيها من 10 الى 20 سجينا. وعند حديثه عن هذه الشهادات، رافع المدير العام لإدارة السجون، مختار فليون، عن وضعية السجون، وقال إنها "توفر الحد الأدنى المطلوب في قرارات الأممالمتحدة منذ 1957"، ورد عليه الخبير البريطاني بالقول إن "الأمور تغيرت كثيرا، ولابد من تحسين ظروف الحبس وأنسنتها"، وأضاف "لا نريد تحويل السجون الجزائرية إلى فنادق، ولكن هناك من هي في وضعيات غير مقبولة، ولا يمكن فيها احترام حقوق السجين وكرامته". وأوضح أن "هناك زنزانات غير ملائمة لوضع سجين فيها". وأكد أندي باركلي على أن العقوبة الوحيدة التي يلقاها السجين هي سلب الحرية دون عقوبات تكميلية قد تتجسد في تدهور ظروف الحبس. وركز المتحدث أن دور الخبراء البريطانيين من المركز الدولي للدراسات السجنية يتمثل في دعم الحكومات ومساعدتها على تسيير أفضل لسجونها وتحسين المعاملات داخلها وفقا لما تتطلبه المعايير الدولية. وبالمقابل، أشاد أندي باركلي بإرادة السلطات الجزائرية في تحسين وضعية السجون من خلال برنامج إصلاحات، مشيرا إلى أن برنامج التعاون بين الجزائر وبريطانيا في هذا المجال ينتهي في مارس 2010 بوضع استراتيجية لتسيير المؤسسات العقابية تستجيب للمعايير الدولية من حيث الأمن والمراقبة وظروف الاحتباس.