يجري الحديث منذ فترة عن تقسيم إداري جديد يصبح بموجبه عدد الولايات في الجزائر 120 بدلا عن ال48 ولاية الناتجة عن تقسيم 1984، بما يعني أن عدد الدوائر سيتضاعف، مثلما سيتضاعف عدد البلديات أيضا، كما يعني أن أعباء الإدارة ستتضاعف هي الأخرى عشرات المرات في ظل الأزمة المالية الحالية. وربما أيضا ستتضاعف عراقيل الإدارة، ومعها أوجاع رأس المواطن، الذي لم ينجح بعد في فك طلاسم البيروقراطية الإدارية!؟ ولا أدري هل الانسداد الواقع في الإدارة منذ الاستقلال إلى اليوم، سببه قلة عدد الولايات والدوائر والبلديات مقارنة بعدد السكان وبشساعة التراب الوطني، أم نوعية الأداء المتردية وعقلية تواكلية لم تواكب التطورات الحاصلة في المجتمع وفي البلاد؟ وهل برفع عدد الولايات إلى 120 سيحل أزمة الإدارة ويسهل أمر نجاعتها وأدائها؟ فإذا كان الحل في العدد لماذا إذن نكتفي بهذه الزيادة فقط؟! وإذا كانت المشكلة تتوقف على الأداء، فيكفينا ال48 ولاية الحالية بأزماتها وبأعبائها المالية المتراكمة على كاهل الخزينة وعلى المواطن. لكن العبرة ليست بالعدد وإنما بالعقليات المتحجرة التي ترفض التغيير، وبالتالي فأي تقسيم آخر لن يثمر، مثلما لم تثمر التقسيمات الإدارية السابقة، التي لم تحسّن من أداء الإدارة الجزائرية. ثم إن كانت الحجة بشساعة التراب، فلماذا تقتصر التقسيمات على الشريط الساحلي وتهمل الجنوب الكبير؟ فالحجة في الحقيقة هي عدد السكان الذين لن تخدمهم تعقيدات التقسيم، بقدر ما يهمهم تغيير العقليات الموروثة عن العهد الاستعماري، بل وأصبحت أسوء من تلك السائدة في العهد الاستعماري.