أظهرت الدراسة الميدانية التي قامت بها الخلية الوطنية للدراسات الاجتماعية والمهنية لمستخدمي الوظيف العمومي حول الحياة المهنية والاجتماعية للعمال أن 98.87 بالمائة من الموظفين غير راضين عن الأجور التي يتقاضونها، وأن أزيد من 76.70 بالمائة منهم غارقون في الدين، في وقت أكد أغلب الموظفين أنهم يستهلكون كلغ من اللحم المجمد أو رطلا من السمك مرة في الشهر، باعتبار أن أكثر من 67 بالمائة من الأجر يخصص لتوفير ضروريات الحياة• وبناء على الدراسة التي أشرف على إنجازها أعضاء للنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، حول الحياة المهنية والاجتماعية لموظفي وعمال الوظيف العمومي، استلمت ''الفجر'' نسخة منها، والتي مست مختلف شرائح موظفي وعمال الوظيف العمومي في عدة مؤسسات وإدارات عمومية، كالتربية، الصحة، الداخلية والجماعات المحلية، وكذا التكوين المهني والتعليم العالي، تم التمكن وفي ظرف 40 يوما من الاطلاع الفعلي على كيفية صرف الموظف الأجرة الزهيدة، بالمقارنة مع حجم المعاناة التي تترتب على عاتقه• وموازاة مع ذلك، وسعيا لإعطاء طابع الاحترافية، وجهت الدراسة عشرة أسئلة شملت 22 ألفا و482 موظف وعامل مهني وفق تصنيفاتهم في شبكة الأجور المستحدثة عن قانون الوظيفة العمومية لسنة ,2006 حيث تم استجواب 6138 شخص في قطاع التربية و5223 في قطاع الصحة العمومية، 2485 في قطاع الداخلية 4190 من الجماعات المحلية، إلى جانب 2746 موظف في قطاع التكوين المهني، و1700 في قطاع التعليم العالي• وأسفرت إجابات المستجوبين أن 98,87% من الموظفين غير راضين عن الأجور التي يتقاضونها، وذلك بسبب السياسة المتخذة في تحديد شبكة الأجور والتصفيات المهنية التي لم تكن مبنية على دراسة استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار المتطلبات الأساسية للمعيشة لمدة شهر كامل، والتي لا تتماشى والسياسة الاقتصادية للبلاد، في حين تقوم الدولة بمنح أجور خيالية لبعض الهيئات والإطارات• كما أفضت هذه الدراسة إلى تسجيل 67,42 بالمائة من أجر الموظف يخصص لتوفير لقمة العيش لعائلته، ولتوفير هذه الضروريات الأساسية التي تقي عائلته من الجوع وتوفر له النظافة في محيطه المنزلي، ومن هذا المنطلق تم استنتاج أن الموظف الجزائري لا يأكل حتى يجوع وإذا أكل فلا يشب، حيث أكد أغلبية المستجوبين أنهم يستهلكون كيلوغراما واحدا على الأكثر من اللحم المجمد أو رطلا من السمك، أو دجاجة خلال الشهر• وفيما تعلق بالنفقات الشهرية التي يخصصها الموظف لتلبية حاجيات الأبناء والزوجة، أكدت الدراسة أن الموظفين الذين يتعدى دخلهم 15 ألف دينار يحرمون من نصف المنح العائلية على الأولاد التي تقدر ب 600 دينار جزائري، وذلك وفق ما ينص عليه القانون المتعلق بالمنح العائلية، وعلى هذا الأساس تم استنتاج أن الموظف مجبر على التقشف لتلبية حاجياته اليومية، وتحمل أعباء الحياة المهنية في ظروف قاسية من مرحلة ذهابه من المنزل إلى مكان عمله• وأضافت الدراسة أن الموظف يخصص ما نسبته 14,75% من الأجر لتغطية نفقات الكهرباء والغاز والماء، حيث أكد الموظفون أن الفاتورة تحتل المرتبة الثالثة في مصاريف أجرهم الشهري، مما يزيد في حجم المعاناة ويجبرهم على التخلي عن بعض الآلات والأواني• في حين أثبتت ذات الدراسة، وفي شأن النفقات الشهرية الخاصة بالموظف، أنه لا يتجاوز مبلغ 6000 ألف دج، كما أثبت أن أزيد من 28,94 بالمائة منهم لا يملكون سكنات، وأن 20,10 بالمائة يقطنون مع الأهل، فيما يقطن أزيد من 39 بالمائة في سكنات اجتماعية و11,08 بالمائة في سكنات تساهمية• كما تطرقت الدراسة إلى إشكالية كيفية قضاء الموظف لوقت فراغه بعد ساعات العمل اليومي، وأشارت إلى أن أغلب العمال يقضون وقت فراغهم في العمل بسياراتهم كطاكسي كلونديستان لتلبية متطلبات الأسرة، حيث يرجعون السبب للإرهاق الكبير جراء متاعب المهنة وتأثير المداومة الليلية التي تتعدى أحيانا الأوقات المسموح بها قانونا• وتبعا لهذه المعطيات اقترح الموظفون، حسب الدراسة تحسين الأجور وإعادة النظر في التصفيات المجحفة لقانون الوطنية العمومية وشبكة الأجور ورفع منحة الأجر الوحيد بالنسبة للمرأة الماكثة في البيت إلى 2000 دج شهريا بدلا من 800 دج، مع إعادة صياغة قانون الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية أو إلغائه وتعويضه بصندوق وطني للسكن الوظيفي•