ذكر، أمس، المحلل المتخصص في شؤون شمال إفريقيا في مؤسسة ''كونترول ريسكس''، وولفرام لاتشر، أن تنظيم ما يسمى ''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' أصبح يشكل تهديدا لدول الساحل، ولكنه تهديد شارد أكثر من كونه تهديدا مستمرا وحادا، وأن المبالغة الشديدة للعواصمالغربية في تصوير هذا التهديد الهدف منها تبرير وجودهم في المنطقة، بعد أن سلطت واشنطن في عدة مرات مع حلفائها الضوء على منطقة دول الساحل كجبهة جديدة في حربها على الإرهاب• وأوضح مؤلف كتاب ''الصحراء السوداء•• حرب أمريكا على الإرهاب في إفريقيا''، جيرمي كينان، في حديثه لوكالة ''رويترز''، بعد اغتيال الرهينة البريطانية من طرف عناصر تنظيم ''دروكدال''، أن هذا العمل الإجرامي يوفر مشروعية تدخل القوات الغربية في دول الساحل، وقال ''هذا ما يريدونه، على اعتبار أن مستقبل الطاقة التي تحتاجها موجود هناك''، بعد أن أبدت عدة عواصم غربية مخاوف مزعومة من أن تصبح الصحراء الكبرى ملاذا آمنا للعناصر الإرهابية، وهو ما أشارت إليه ''الفجر'' في عدة مناسبات، بأن التهديد في منطقة دول الساحل يتم تضخيمه واختلاقه لدوافع كانت تبدو خفية• إلا أن المراقبين يرون أن القوى الإقليمية التي سلكت طريق التضخيم والتهويل إنما من أجل بسط النفوذ في المنطقة الغنية بمصادر الطاقة• غير أن تصعيد تهديد التنظيم في المنطقة بعد هذا الاغتيال يستند الى مزيج معقد بين الجريمة والانتهازية، ولا يستند الى أية إيديولوجية إسلامية متشددة، كما تدعيه العناصر الإرهابية في المنطقة، يضيف المتحدث، وأن قلة عملياتها الإرهابية في دول الساحل توضح الامتزاج الكبير مع المتمردين والبدو والمهربين ومختلف الشبكات الإجرامية، وتعكس اتجاه العناصر الإرهابية إلى الجريمة المنظمة، وأن الإيديولوجيا في تنظيم ما يسمى ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال'' لم تعد عنصرا مسيطرا في الحسابات• وأضاف المحلل لاتشر، أن سجل هذا التنظيم يتسم بالمزج بين الجريمة والهجمات الإرهابية، وقال ''بعض هؤلاء إسلاميون متشددون، ولكن معظمهم يفعلون ذلك من أجل المال''، مقللا من خطورة تهديداتها عمليا بعد أن أصبح عدد العناصر الإرهابية في المنطقة لا يتجاوز 200 عنصر، وأن الخطورة تكمن في سرعة تحركها• وذكر رئيس برنامج دراسات منطقة جنوب الصحراء في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية مقره باريس، ألان أنتيل، أن هذه ليست جماعة تهدف لغزو دولة، قائلا ''إنهم يحتاجون فقط إلى أن يكون عدد صغير من الأشخاص أقوياء• وفي الحقيقة فإنهم ليسوا في حاجة إلى أن يكونوا كبارا'' من خلال تركيزهم على إبرام صفقات قائمة على المصالح مع متمردي التوارف ومهربي الأسلحة والسجائر والمخدرات، بما فيها عمليات اختطاف الأجانب الذين أصبحوا أهداف تنظيم دروكدال، تزداد أهمية مع تنمية صناعة النفط والغاز والحديد والذهب واليورانيوم في المنطقة• ويرى المتتبعون أنه من المحتمل أن يزيد قتل البريطاني من شدة الضغوط على المنطقة، حيث تقوم قوات خاصة أمريكية في الوقت الحالي بتدريب قوات خاصة من مالي، وتواجد عدة أجهزة استخباراتية غربية، والاستعدادات التي تقوم بها جيوش دول المنطقة لبدء عمليات عسكرية مشتركة تم الإعلان عنها من قبل، أمور قد تدفع تنظيم ما يسمى ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' إلى عقد علاقات مع جماعات أخرى تستفيد من غياب القانون لاعتبارات أخرى•