ميناء عنابة: إتباع نظام العمل المستمر "بدأ يعطي ثماره"    جامعة باتنة 1 تتحصل على براءتي اختراع جديدتين    تبسة تحيي الذكرى ال69 لأحداث حرق سوق المدينة    كرة القدم : انطلاق المرحلة الثالثة من تكوين مشغلي نظام حكم الفيديو المساعد "الفار"    المرصد الأورومتوسطي: وقف إدخال المساعدات إلى غزة تصعيد خطير يفاقم الكارثة الإنسانية    كرة القدم/ تصفيات كأس العالم 2025: المنتخب الوطني للإناث يباشر معسكره التحضيري تحسبا لمقابلة بوتسوانا    التلفزيون الجزائري يحيي السهرات الغنائية "ليالي التلفزيون" بالعاصمة    الأونروا) تعلن استمراريتها في تقديم الخدمات الصحية بغزة    نكبات فلسطين والجامعة العربية..؟ !    الجزائر لها دور ريادي في مجال الذكاء الاصطناعي بإفريقيا    ضرورة تعزيز دور الجامعة في مجال الاقتصاد المبتكر    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف شخص و حجز مخدرات    باتنة : الدرك الوطني بالشمرة توقيف عصابة سرقة المواشي    إحباط تهريب كميات من المواد الغذائية    باتنة تحي الذكرى 67 لاستشهاده البطل بن بعطوش    سعيود يترأس اجتماعا ليرى مدى تقدم تجسيد الترتيبات    الغذاء الأساسي للإعلام في علاقته مع التنمية هو المعلومة    تصاعد الهجوم المخزني على الحقوق والحريات    مائدة مستديرة في موسكو حول القضية الصحراوية    البطل العربي بن مهيدي فدائي ورجل ميدان    الخطط القطاعية ستكون نواة صلبة لترقية الصادرات    قانون المنافسة لمكافحة المضاربة والاحتكار وحماية المواطن    عادل عمروش مدرب جديد لمنتخب رواندا    غويري سعيد بقيادة مرسيليا للفوز ويشيد بثقة دي زيربي    مدرب بوتسوانا يتحدى "الخضر" في تصفيات المونديال    دوريات تفتيشية مفاجئة على الإطعام بالإقامات الجامعية    مشاريع البنى التحتية ودعم الاندماج الاقليمي في قلب النّقاش    عطاف يحل بالقاهرة لتمثيل الجزائر في أشغال الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة    حجز 2 مليون كبسولة من المؤثرات العقلية    بيوت تتحول إلى ورشات لإنتاج "الديول" و"المطلوع"    صيام بلا انقطاع بفعل الفزع والدمار    تكريم 12 خاتما لكتاب الله    السيادة للعروض المسرحية    إطلالة مشرقة على الجمهور بعد سنوات من الغياب    رمضان فرصة لإزالة الأحقاد من النفوس    الجزائر - إيطاليا.. علاقات بمستوى عال    وفد من كلية الدفاع الوطني بأبوجا في زيارة الى مقر المحكمة الدستورية    موسم الحج 2025: السيد سعيود يسدي تعليمات للتكفل الأمثل بالحجاج على مستوى المطارات    اليوم العربي للتراث الثقافي بقسنطينة : إبراز أهمية توظيف التراث في تحقيق تنمية مستدامة    وزير الخارجية يتحادث مع نظيره الإيطالي    المدية: وحدة المضادات الحيوية لمجمع "صيدال" تشرع في الإنتاج يونيو المقبل    فتاوى : المرض المرجو برؤه لا يسقط وجوب القضاء    تبسة.. فتح خمسة مساجد جديدة بمناسبة حلول شهر رمضان    وزارة الثقافة تكشف عن برنامجها خلال شهر رمضان    ترقب سقوط أمطار على عدة ولايات غرب البلاد يوم الثلاثاء    وزارة الثقافة والفنون: برنامج ثقافي وفني وطني بمناسبة شهر رمضان    "التصوف, جوهر الدين ومقام الإحسان" موضوع الطبعة ال17 للدروس المحمدية بالزاوية البلقايدية    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): إعطاء إشارة انطلاق الطبعة الرابعة سهرة اليوم بالقاعة البيضوية بالعاصمة    كانت تعمل بيومية الجمهورية بوهران    يخص الطورين من التعليم المتوسط والثانوي    أوغندا : تسجل ثاني وفاة بفيروس "إيبولا"    عبد الباسط بن خليفة سعيد بمشاركته في "معاوية"    صلاة التراويح    مولودية الجزائر تعزّز صدارتها    ذهب الظمأ وابتلت العروق    بحث سبل تعزيز ولوج الأسواق الإفريقية    شهر رمضان.. وهذه فضائله ومزاياه (*)    العنف يتغوّل بملاعب الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسباب غير المعلنة للطلاق
رأي حر
نشر في الفجر يوم 20 - 08 - 2009

رغم تأكيد العديد من الدراسات العربية التي تناولت ظاهرة الطلاق على بعض الأسباب فإنها أهملت البعض الآخر من الأسباب المؤدية للظاهرة• فمعظم هذه الدراسات ركزت على تأثيرات العامل الاقتصادي والعنف الموجه ضد المرأة والخيانة الزوجية وغيرها من الأسباب الواضحة للعيان، والتي تُخفي بدرجة أو بأخرى الأسباب غير المعلنة التي يمكن تحديدها فيما يلي: أولا: التوقعات غير العملية المرتبطة بالزواج؛ يُقبل العديد من المتزوجين على الزواج وفي ذهنهم تصورات رومانسية أقرب للفانتازيا، أما تصور الزواج بوصفه مؤسسة تحتاج لقدر كبير من المسؤولية والالتزام فمسألة تغيب عن المتزوجين، ولعل ذلك ما يفسر حدوث حالات كثيرة من الطلاق بعد شهور قليلة وربما أسابيع من الزواج، وهو أمر يؤكد ضرورة اهتمام المؤسسات التعليمية والتربوية المختلفة بتوعية الأجيال الجديدة بمعنى الزواج والارتباطات العاطفية والمخاطر الناجمة عن الطلاق•
ثانيا: ضعف التواصل بين الزوجين؛ يؤدي التسرع في الزواج وعدم إدراك المتطلبات الخاصة به إلى عدم فهم طرفي العلاقة لحقيقة مشاعرهما، وهو ما يظهر فيما بعد من خلال ضعف التواصل الحقيقي والإنساني فيما بينهما• فمن الملاحظ أن العديد من المتزوجين يعيشون بحكم واقع الزواج فقط، أما التواصل العاطفي والشعوري والتفاهم والنقاش فيما بينهما فمسائل تكاد تكون معدومة، وهو أمر يؤدي لشيوع مستويات عالية من الغضب والإحباط فيما بينهما، تنتهي لا محالة إلى الطلاق•
ثالثا: ضعف التواصل الجنسي بين الزوجين؛ يرتبط بضعف التواصل العاطفي والإنساني مستوى آخر بالغ الأهمية يتعلق بعدم الإشباع الجنسي بين طرفي العلاقة الزوجية، وللأسف فإن العالم العربي يفتقد إلى الدراسات السوسيولوجية الجادة التي تتناول هذه المسألة بشكل يحدد حجم تأثيرها على معدلات الطلاق•
فالجنس لا يتم التعامل معه بين طرفي العلاقة كعامل مهم وحيوي وصحي، بقدر ما يتم تناوله بشكل أقرب للبراجماتية المرتبطة بتحقيق الإنجاب، أو من أجل إشباع طرف على حساب طرف آخر إرضاء لمتطلبات دينية في الغالب الأعم، أما تناوله بشكل يحقق الإشباع للطرفين بشكل إنساني وممتع فمسألة مازالت بعيدة عن إدراك الأسرة العربية التي يسودها الحياء والخجل، وتنعكس عليها قيود الواقع الاجتماعي العربي الذي يتعامل مع الجنس بشكل سري وعدائي وملتوٍ•
رابعا: إدمان الجنس عبر الإنترنت؛ وهو عامل جديد وافد على الأسرة العربية يستدعي الكثير من الدراسات الجادة من أجل التعرف على حجم انتشاره ومدى تهديده للمؤسسة الزوجية• فمن الواضح أن الإنترنت توفر مستويات غير مسبوقة من الانفتاح الجنسي تضر بشكل أو بآخر بطبيعة العلاقات الجنسية الزوجية حيث تخلق مستويات جديدة من الفانتازيا الجنسية المتخيلة المهددة بدرجة أو بأخرى للتواصل مع الزوجة عاطفيا أو جنسيا•
خامسا: تقدم العمر والتركيز على تربية الأولاد؛ ومما يزيد الطين بلة، ويدفع الكثير من الرجال للتخلي جنسيا عن زوجاتهم إهمال المرأة لنفسها وجمالها وجسدها؛ فبمجرد أن تنجب المرأة، ويمر على زواجها بضع سنين حتى تُهمل نفسها وتُوجه جل عنايتها لأبنائها وتنسى تماما احتياجات زوجها العاطفية والجنسية على السواء• وهي مسألة تُلقي بظلالها الكئيبة على المؤسسة الزوجية وتُفقدها البهجة والتنوع والجمال•
ولا يرتبط ذلك فقط بالمرأة لكنه يتعدى ذلك أيضا إلى الرجل الذي يمارس هيمنته الصارمة على أسرته حيث لا يلتقطون أنفاسهم ويجدون سعادتهم إلا حينما يغادر المنزل• سادسا: الأنانية المفرطة من جانب طرفي العلاقة الزوجية؛ لا يهم الكثير من الرجال أو النساء سوى تصوراتهم الخاصة بهم ومصالحهم الضيقة، حيث لا يحترمون الطرف الآخر أو أيا من ذويه• وهي مسألة مرتبطة بعدم القدرة على التنازل بين طرفي العلاقة الزوجية والتوصل لتسويات مشتركة يقدم من خلالها كل منهما بعض التنازل للطرف الآخر• ومسألة التنازل هذه غير قابلة للقياس لكنها تستند إلى القدرة على إحساس كل طرف بالطرف الآخر والعرفان بفضله وأهميته•
سابعا: التدخلات الخارجية في المؤسسة الأسرية؛ يبرز هذا السبب على وجه الخصوص في عالمنا العربي الذي يُستباح فيه الفضاء الذاتي وتُنتهك حرماته• فمن اللافت للنظر وجود تدخلات هائلة من جانب الأقارب في العلاقات الأسرية بدءًا من المسائل الخاصة جدا مثل عملية الإنجاب مرورا بالتحيز لطرف على حساب طرف آخر وانتهاء بالتدخل في الشؤون المالية الخاصة بها• ومن الضروري التأكيد هنا على أن العلاقات الأسرية فضاء خاص جدا لا يجب الحديث فيه مع أي من الأقارب أو الأصدقاء، كما لا يجب القبول بأية تدخلات حتى لو كانت إيجابية فمن يتدخل اليوم بشكل إيجابي سوف يُملي تدخلاته السلبية مستقبلا•
ثامنا: الجدل حول المسائل المالية؛ لا يحدث الطلاق بسبب نقص المال أو كثرته لكنه يحدث غالبا بسبب الجدل حوله، وبشكل خاص في الفترات الأولى من الزواج• فالكثير من المشادات الزوجية تحدث بسبب أوجه الصرف، حيث يكون لكل من الزوج والزوجة توجهات خاصة بالصرف، الأمر الذي يغضب الطرف الآخر، وهي مسألة تستدعي ضرورة التفاهم المسبق حول أوجه الصرف وبشكل خاص تلك التي تتعلق بمبالغ كبيرة بين الزوجين•
لا تنتهي قائمة أسباب الطلاق في عالمنا العربي عند هذه الأسباب فقط، فمن الواضح وجود قائمة طويلة من الأسباب الفرعية الأخرى تتنوع بتنوع الواقع الاجتماعي وزيادة تعقيداته المختلفة، وهو ما يملي على المهتمين بهذه الظاهرة الاجتماعية المزيد من الدراسات من منطلق شمولي واع، قادر على الإمساك بكافة الأسباب المختلفة وربطها بالسياقات الاجتماعية المولدة لها•
بقلم: د· صالح سليمان عبد العظيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.