يعتبر الجامع الكبير بقسنطينة تحفة معمارية مميزة، وواحدا من المساجد العتيقة في الجزائر الذي حافظ على وجهه الحقيقي على اعتبار أن أعمدته ومحرابه وأشياء أخرى بقيت كما أنجزت محافظة على شكلها ونمطها ولو أن الوالج إليه اليوم يدرك أن أجزاء منه طالها الترميم والتغيير• الجامع الكبير أقدم مسجد في قسنطينة التي تحوز اليوم الريادة في عدد المساجد على المستوى الوطني، بني في عهد الدولة الصنهاجية الحمادية التي اتخذت من قسنطينة وتونس مركزين لها سنة 503ه - 1136م، وهو يوافق حكم الأمير يحيى بن تميم بن العمر بن باديس في عهد الدولة الصنهاجية الحمادية• وأقيم على أنقاض المعبد الروماني الكائن بنهج العربي بن مهيدي حاليا، ويتميز بالكتابات العربية المنقوشة على جدرانه وبهندسته التي تبرز إبداع من قاموا بإنجازه وتفننهم• وينسب إنجاز وتشييد الجامع الكبير بقسنطينة إلى محمد بن علي البغدادي وذلك حسب ما سجل فوق محرابه• الجامع الكبير الذي تهزك مئذنته الشامخة التي تعلو كل منطقة السويقة العتيقة، وصومعته المميزة، يحوي في داخله أعمدة ونقوشات غاية في الدّقة والجمال• ورغم ما لحقه من فساد على أيدي الاستعمار، إلا أن صمود الأهالي والتفافهم حوله حال دون ذلك• ومن أبرز الأئمة والدعاة الذين أمّوا المصلين وقدّموا دروس الوعظ والإرشاد في هذا الجامع التحفة، الإمام المصلح العلامة عبد الحميد بن باديس• كما أن أشهر الشخصيات التي كانت تدرّس في معهد العلامة المحاذي للمسجد في بطحة السويقة مرّوا على هذا المسجد وأدّوا الصلاة فيه، والزيارة التي قادتنا إليه في أول أيام رمضان المعظم أبانت أن الجامع الكبير التحفة ما زال يحافظ على بريقه والأكثر من ذلك أنه تزيّن لهذا الشهر الفضيل•