قرأت خبرا طريفا في الصحافة الوطنية يتحدث بأن رفيق عبد المومن خليفة، الشخصية التي أسالت الكثير من الحبر في السنوات الأخيرة مثلما أسالت الكثير من الدموع، إن لم أقل الكثير من الدماء، والذي يقبع حاليا في السجون البريطانية، يتقاضى ثمانية جنيهات استرلينية مقابل عمله كمنظف زنزانات· نعم الخليفة الذي كان يجالس الرؤساء والملوك ويأكل الجميع من كفه الذي كان بدوره يملؤه من الخزينة العمومية، ومن أموال المغفلين من زبائن بنكه، يقوم بتنظيف الزنزانات، بعد أن كان على رأس إمبراطورية مالية أسالت لعاب الجنرالات والوزراء· هذه التربية و''إلا بلاش''! كان من المفروض أن تعامل السجون الجزائرية صديقه وصديق الصحف المعربة عاشور عبد الرحمان بنفس الأسلوب، حتى يعرف هذا اللص الآخر معنى العمل ومعنى الكسب الحلال، وماذا يعني كسب لقمة العيش بعرق الجبين، لأن السجون الجزائرية مملوءة باللصوص الذين يعيشون بارونات بداخل السجون، ولهم الخدم والحشم، يصرفون من مال السرقات، ويغدقون على الحراس و''الفليلين'' من السجناء مقابل ما يقدمونه لهم من خدمات، حتى أن بارونات الفساد يخططون جيدا للفترة التي يقضونها في السجن، ويضعون لها ميزانية خاصة، ويتلقون أسبوعيا ما لذ وطاب من المأكولات قبل أن يخرجوا في صحة جيدة للتمتع بالمال المسروق· مهما يكن في هذه الحال، فإن رفيق عبد المومن خليفة صار مواطنا صالحا، لا يتكبر على العمل مهما كان دنيئا، ويأكل مما كسبت يداه، وهو بذلك يستحق العفو الملكي، لأنه صار قابلا للاندماج وسط المواطنين الصالحين· قصة الخليفة تستحق أن تدرس في كتب المدارس، مثلما الدروس المستوحاة من كتاب ''كليلة ودمنة''، أو قصص لافونتين، لأخذ العبرة·