الرئيس تبون يستقبل وفد الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلس    مواصلة تطوير الشراكة بما يحقّق مصالح الشعبين    بوغالي يستقبل وفدا عن الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف الشمال الأطلسي    الدولة بالمرصاد لكل من يتلاعب بقوت الجزائريين    "حلف الشيطان" يتمرد على قرارات الأمم المتحدة    الاحتلال الصهيوني يواصل تجويع سكان غزة    نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني يتحادث بكاراكاس مع رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية    الصحراء الغربية: 300 مراقب أجنبي طردهم المخزن من المدن المحتلة منذ 2014    رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يدين جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة    كرة اليد/ مونديال- 2025: أربع اختبارات ودية في برنامج السباعي الجزائري بتربص بولونيا    تحديد قيمة 550 ملك عقاري    يوم إعلامي حول نظام الحماية الاجتماعية    المنيعة.. نتائج "مشجعة" في زراعة نبات دوار الشمس الزيتي    الانتخابات الرئاسية الأمريكية : فتح صناديق الاقتراع للتصويت    نسف مبانٍ وقصف خيام نازحين..جيش الاحتلال يواصل إبادة العائلات    الحرب على غزة لا تعني الفلسطينيّين وحدهم    بحث نتائج زيارة رئيس الجمهورية إلى سلطنة عمان    محرز يرفض الاحتفال ويوجّه رسالة قوية لبيتكوفيتش    بلومي يُحرج بيتكوفيتش وينافس حاج موسى وبوعناني    المنتخب الجزائري يظفر باللقب عن جدارة واستحقاق    18 ألف هكتار أراضٍ مسقية في عين تموشنت    37 مليارا لصيانة عمارات حي منتوري بقسنطينة    الإنارة غائبة واختناقٌ مروري داخل الحي    الملابس الشتوية تملأ المحلات بدون زبائن    تظاهرة متطوعي التراث العالمي.. إطلاق أسبوع التراث بباتنة    بمشاركة 1007 دار نشر من 40 بلد.. صالون الجزائر الدولي للكتاب يفتتح غدا    تندوف.. إفتتاح المهرجان الوطني للمونولوغ والفنون المسرحية    دعوة إلى الاهتمام بكتابة الثورة التحريرية    الاقتراب من تجربة واسيني الأعرج روائيّا وناقدا    بن ساسي يبدع في فلك الانطباعية    الجزائر – المملكة المتحدة: فرص الاستثمار موضوع منتدى بلندن    تيارت: أكثر من 60 مشاركا في الصالون الولائي للصناعة والحرف    دعا زبائنه الى عدم تقديم أي معلومات حول الحسابات البريدية أو البطاقة الذهبية..بريد الجزائر يحذر من صفحات ورسائل نصية احتيالية    ينعقد في روما اليوم..عرقاب يشارك في الاجتماع الوزاري لمجموعة الطاقة الاندماجية العالمية    للتعريف بالإنتاج الوطني على المستويات الوطنية والدولية..اتفاقية إطار للتعاون بين الهلال الأحمر الجزائري ومجمع "ديفنديس"    التسيير المدمج للنفايات: مرافقة خاصة للطلبة وأصحاب المشاريع المهتمين بالنشاط    تتولى تسيير أرضية رقمية تابعة للصيدلية المركزية للمستشفيات..خلية يقظة لتفادي التذبذب في توفير الأدوية    ينعقد في أكتوبر المقبل.. الجزائر ستحتضن ملتقى الشباب العالمي لمساندة القضية الصحراوية    تقديراً لنجاح المنتدى والدعم الذي يقدمه للشباب الجزائري والإفريقي : منتدى الشباب الإفريقي يكرّم الرئيس تبون    مشروع قانون المالية 2025: النواب يعبرون عن ارتياحهم للتدابير الرامية لتنويع الاقتصاد الوطني    الذكرى ال70 لاندلاع الثورة التحريرية: إصدار 7 طوابع بريدية بشعار "شهداء نوفمبر"    فوفينام فيات فو داو: إعادة انتخاب محمد جواج رئيسا للاتحاد الإفريقي لعهدة أولمبية جديدة    وزير الصحة: إنشاء خلية يقظة لتفادي التذبذب في توفير الأدوية    كأس إفريقيا للأمم: أشبال "الخضر" في آخر محطة تحضيرية قبل دورة "لوناف"    حوادث المرور: وفاة 52 شخصا وجرح 1472 آخرين خلال أسبوع    بيع محل تجاري( قاعدة تجارية)    شبيبة القبائل تلتحق بكوكبة الصدارة    صالون الجزائر للكتاب ينطلق غداً    إجراء عملية القرعة يوم السبت المقبل لتحديد القوائم النهائية لموسم حج 2025    أين السعادة؟!    صلاح يصدم جماهير ليفربول    وفاة الفنان المسرحي والتلفزيوني جمال حمودة    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    تأكيد على أهمية التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    تدشين المخبر المركزي الجديد    من مشاهد القيامة في السنة النبوية    قصص المنافقين في سورة التوبة    الاسْتِخارة سُنَّة نبَوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يحق للعربي أن يكون عدميا؟!
رواية ''لعاب المحبرة'' ل: سارة حيدر
نشر في الفجر يوم 22 - 11 - 2009

هذه المقدرة التي لحق بها ما لحق بكل حوافز العمل العربي من ضعف وانحطاط• وما قد يجعل رواية (لعاب المحبرة) أكثر تشويقا هو تفطن المبدعة سارة حيدر إلى حاجة بطلها إلى مجموعة من المرايا التي تعكس له علاماته الفارقة التي لا يمكن أن تبرز وتتحدّد إلا في مواجهة الآخرين• وتلخّص الكاتبة سرّ انجذاب بطلها إلى هذه المجموعة بالاعتراف الجهير التالي: ''لا أستطيع مقاومة لذة الانتماء إلى مجموعة من المنفيين الذين بنوا لأنفسهم وطنا على حدة'' وطن افتراضي تمتد حدوده بين أمواج الموسيقى الكلاسيكية والتيارات الأعماقية المزوّدة بطاقة الكحول، وصحاري الشهوة التي تشبع ولا تشبع وتعوّض ولا تعوّض• هكذا بوسع المؤلفة أن تعتقد أنها أحكمت خيوط الصراع بين مثالية الأرواح الدقيقة من جهة، وخشونة الواقع ومنافاته والألف صدمة اجتماعية وحضارية من جهة أخرى• وعند هذا الحد يكون استمتاعنا بالقصة قد بلغ غايته القصوى، محمولين حدّ الانجراف أحيانا مع تيار اللغة المخملية المتدفقة بقوة الاعتراف وقوة الصراخ في وجه ما يسميه ألبير كامي (صمت ولا مبالاة الكون)• أجل، تلك هي ذروة الشوط الرؤيوي والجمالي، وتلك هي ذورة استمتاعنا لولا••لولا أنه يصعب جدا أن ننسى أن الأمر يتعلق بما لا يقل عن الحكم العربي بأكلمه وبأجمعه وبقضّه وقضيضه•• تحت سنابك الخيول الأمريكية وتحت كل السنابك الشيطانية الأخرى، وفي عدمية قومية مدفوعة إلى أقصى حدودها، مما يجبرنا على التساؤل عن كل هذه المسائل، كل هذه المعضلات: البعث والانحطاط وأمراض الروح الفردية والجماعية، وشروط الانبعاث ومعنى الحياة وهل تستح أن تُعاش، وماذا كانت جميع هذه المسائل مطروحة بنيّة الوصف والعرض أم بنية التفسير أم بنية الحل وتقديم الرؤيا الخلاصية، وفي جميع الأحوال هل هي مسائل مفكّر فيها بعمق يتجاوز ما فعله نجيب محفوظ في (ثرثرة فوق النيل) الأدب الشرعي لرواية لعاب المحبرة وما فعله سهيل إدريس في (الحي اللاتيني) وجميع الرويات / الوثائق المكرّسة لأزمات وصيرورة الحلم العربي منذ (أم القرى) لعبد الرحمان الكواكبي إلى••• إلى (لعاب المحبرة) التي أعادت طرح المسائل نفسها بطريقة لا تخلو من إثارة•
ولولا ثلاث••• أو هل يحق للعربي أن يكون عدميا!
''لماذا قد يهمني ما يحدث في العالم؟ هل سألني أحد رأيي عندما سقطت خمس عواصم عربية تحت سنابك الدبابات في بحر شهور قلائل؟ هل أتى الأمريكان لمناقشتي في كيفية إبادة القلة الفلسطينية الباقية في فلسطين؟ هذا ما يقوله وما يعتقده بطل لعاب المحبرة، وهو يترجم خيبته ولامبالاته الفاحشة تلك بالاسترسال مع الكأس وألعاب السرير، وبوسعه أن يصرخ مع جده الشاعر الجاهلي (طرفة بن العبد) أبو العدميين العرب جميعا ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى، وجدّك لم أحفل متى قام عُوّدي! وإذا بها (لولا ثلاث) الروايات الوجودية العربية كلها: كأس وامرأة•• ومروءة! يوازيها غير بعيد عنها (ثلاث) الأغنية الرايوية ومشتقاتها التي لا تتنازل بدورها عن البيضاء أو الزرقاء، و(رأسٌ عامِر) أو تمّ تعميره بعنابة ورجلة غير قابلة للشك النظري أو الخدش العلمي! فهل من شك أن بطل المحبرة قد حصل على كل ذرائعه وخلفياته وأسلافه ونظرائه المرموقين والغوغائيين على السواء، فمنذ طرفة بن العبد إلى سارة حيدر، نموت ونحيا وما يقتلنا إلا الدهر والأمريكان، وما بينهما (الدواهي) التي كثرت وتفاقمت حتى قال عنها العرب: من الدواهي كثرة أسماء الدواهي! ويبقى السؤال الأهم: ماذا يضير طرفة بن العبد أن يقضي يومه أو عمره بين كأس وامرأة وسيف أعمى لا هدف ولا قضية له، في ذلك الزمن الذي لم يكن فيه للعرب ما يخسرونه إلا رحلة الشتاء والصيف وبضعة معلقات••• بينما يخسر بطل سارة حيدر في زمنه، زمن العولمة وصراع الوجود والعدم في فلسطين والعراق وفي كل شبر وذراع من البيت العربي الكبير، يخسر كل المسافة الحضارية والسياسية والعسكرية، والثقافية التي قطعها أبناء وأحفاد طرفة بن العبد على امتداد ألف وأربع مئة سنة، فقد قال ذلك الشاعر الجاهلي قصيدته الشهيرة ولولا ثلاث وهو واقف على الأرض تماما، على أرض الربع الخالي بكل معاني الخلاء والخلوة، بينما يقف بطل سارة حيدر على أكتاف ألف جيل وجيل أو ألف شوط من التجربة والتراكم والموت والانبعاث، مما يدفعنا إلى التشكيك في صدق ذرائع هذا البطل ومتانة مرتكزاته التاريخية والحضارية والسياسية• فبعد ألف وأربع مئة سنة قد يكون الوطن العربي بائسا لكنه ليس مسكينا بحال من الأحوال، فما بال بطلنا البورجوازي المستمتع بحياة سلطانية خالية من كل معاني السلطنة، ما باله ينسى ملايين المطحونين بين صخور الواقع المعيش هنا أو الواقع الاحتلالي هناك، هولاء الملايين الذين تمتد حدود وطنهم الافتراضي بين الحزام الناسف والحزام الكادح، لا يمكنهم أن يكونوا عدميين لا بالفطرة ولا بالاكتساب، لأنهم متى أرخوا قبضتهم على (اليقين) والإيمان لحظة واحدة، تسقط البندقية من أيديهم والفأس والمنجل، هؤلاء كل ما حولهم يجبرهم على الإيمان الغزيزي بمعقولية العالم ومعقولية الأحداث• هذه المعقولية التي يستشعرونها لا عبر الخلايا الرمادية لرؤوسهم بل عبر اللحم والدم وعبر أصابع أيديهم التي يؤمنون بأنها يكفي أن تلمس الأشياء كي تصنع فروقا كثيرة في هذا العالم•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.