الجواب المختصر هو أن حروب المستقبل لن تكون بالضرورة حروبا تقليدية بين جيوش على الأرض وسلاح طيران ومدفعية وما إلى ذلك، إنما ستكون حروبا إلكترونية وسيقودها فيلق جنرالات من نوع خاص يجب أن تتوفر فيهم شروط خاصة، ويقودون رجال صاعقة من نوع خاص يمتلكون مهارات قتالية إلكترونية عالية• وستكون ساحة حروب المستقبل المواقع والشبكات الإلكترونية الإستراتيجية سواء الداخلية أو الخارجية ( أي المعروضة للجميع)• ومع التطور التكنولوجي أصبحت الكثير من الخدمات والقطاعات الاقتصادية الحيوية والإستراتيجية للبلدان تسير إلكترونيا بشكل كامل تقريبا•• ولهذا فإن تعطيل هذه المواقع الالكترونية سيشل الحياة في هذه البلدان ويعرضها لمخاطر كبيرة• ولما كانت حروب المستقبل لا تعتمد بالأساس على قوة وتسلح الجيوش التقليدية، فإن ميزان القوة ليس بالتأكيد في صالح الدول ذات الجيوش الكبيرة المسلحة تسليحا جيدا والتي تملك عتادا حربيا كبيرا، إنما الغلبة ستكون للجيوش التي تمتلك تحصينات دفاعية إلكترونية قوية ومرنة قادرة على امتصاص أي ضربات إلكترونية وإذا تطلب الرد بصواريخ هجومية الكترونية مدمرة• وبدأت البلدان الغربية المتقدمة خاصة الاستعداد إلى هذه الحروب الإلكترونية، وأعلنت الحكومة البريطانية مؤخرا عن إطلاق ''مركز العمليات لأجل الأمن الإلكتروني''•• والمثير أنه إلى جانب خبرة الاستخبارات البريطانية ستتم الإستعانة بقراصنة أنترنت سابقين في إطار خطة لندن الدفاعية للتصدي لمجرمين وإرهابيين محتملين، يخططون لشن هجمات إلكترونية على بريطانيا• وتعتبر إستراتيجية الأمن الإلكتروني جزءاً من استراتيجية الأمن الوطني في بريطانيا، التي أطلقها رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، واصفاً ''الأمن الإلكتروني في القرن الحادي والعشرين'' بأنه مماثل ''لأمن البحار في القرن التاسع عشر''، و''أمن الأجواء في القرن العشرين''• وتعتبر بريطانيا وحلفاؤها الغربيون في الصين وروسيا خاصة أكبر تهديدين لأمنهم القومي الالكتروني، كما أنها لا تستبعد أن يتطور تهديد القاعدة ليشمل شن ضربات إرهابية إلكترونية• وبحسب تقارير أمنية بريطانية، فإن مصالح حكومية بريطانية تتعرض بشكل مستمر لهجمات من قراصنة يعتقد أنهم من روسيا والصين، بهدف الحصول على أسرار عسكرية وتقنية، وتخشى بريطانيا أن تصل إلى أيدي القاعدة، مثلاً• وتتخوف بريطانيا من تستهدف الهجمات المستقبلية البنى الحكومية التحتية، كمحطات الكهرباء وإدارات الطيران والأسواق المالية• في السعودية حذر الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس جهاز الاستخبارات العامة في المملكة في بداية العام، من مغبة حرب إلكترونية محتملة، والذي من أجله أقدم جهاز الاستخبارات السعودي على إبرام مذكرة لإطلاق كرسي بحث سيهتم ب ''أمن تقنية المعلومة''، طبقاً لرئيس الجهاز الذي قال ''إن الحروب القادمة ستعتمد على كيفية القضاء على نظام متكامل ومسحه بشكل كامل•• فهناك قنابل وصواريخ إلكترونية تطلق على مواقع معينة لإعدامها تماما''• والآن ماذا عن الجزائر واستعداداتها لحروب المستقبل الالكترونية؟ من اللافت أننا ربما لن نجد، ولو جزءا على الأقل من الإجابة على هذا السؤال المهم، إلا في تقرير صادر عن هيئة تابعة للمستعمر السابق للجزائر، حيث اعتبر تقرير صادر عن المهمة الاقتصادية الفرنسية في الجزائر، في الصيف الماضي فقط، أن قطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال في الجزائر يعاني من التأخر ما بين 5 إلى 10 سنوات• وقد يشكل هذا التأخر مؤشرا لمدى استعداد الجزائر وصلابة دفاعاتها الإلكترونية، حيث يشكل انتشار تكنولوجيات الإعلام والاتصال في البلدان دليلا على مدى قوة و تحصين دفاعاتها الإلكترونية، وبالتالي استعدادها لأي تحديات تخص أمنها القومي وخاصة من البوابة الإلكترونية• وبناء على ما تقدم فإن استراتيجية الجزائر الدفاعية في المستقبل حتما بحاجة إلى إعادة تفكير ومعالجة أي تأخر وبسرعة•• لأن الوقت لا يرحم•