سؤال جدير بأن يطرح، خاصة بالتزامن مع الذكرى 47 للاستقلال، لكن قبل الإجابة على هذا السؤال.. وجب أولا معرفة ماهية وكيف ستكون حروب المستقبل؟ * الجواب المختصر هو أن حروب المستقبل لن تكون حروبا تقليدية بين جيوش على الأرض وسلاح طيران ومدفعية وما الى ذلك، انما ستكون حروبا الكترونية وسيقودها جنرالات من نوع خاص، يجب ان تتوفر فيهم شروط خاصة ويقودون رجال صاعقة من نوع خاص، يمتلكون مهارات قتالية الكترونية عالية. * وستكون ساحة حروب المستقبل المواقع والشبكات الالكترونية الاستراتيجية سواء الداخلية أو الخارجية (أي المعروضة للجميع). ومع التطور التكنولوجي اصبحت الكثير من الخدمات والقطاعات الاقتصادية الحيوية والاستراتيجية للبلدان تسير الكترونيا بشكل كامل تقريبا.. ولهذا فإن تعطيل هذه المواقع الالكترونية سيشل الحياة في هذه البلدان ويعرضها لمخاطر كبيرة. * ولما كانت حروب المستقبل لا تعتمد بالأساس على قوة وتسلح الجيوش التقليدية، فإن ميزان القوة ليس بالتأكيد في صالح الدول ذات الجيوش الكبيرة، المسلحة تسليحا جيدا والتي تملك عتادا حربيا كبيرا، انما الغلبة ستكون للجيوش التي تمتلك تحصينات دفاعية الكترونية قوية ومرنة قادرة على امتصاص أي ضربات الكترونية، واذا تطلب الرد بصواريخ هجومية الكترونية مدمرة. * وقد بدأت البلدان الغربية المتقدمة خاصة الاستعداد لهذه الحروب الالكترونية، أعلنت الحكومة البريطانية مؤخرا عن إطلاق »مركز العمليات لأجل الأمن الإلكتروني«.. والمثير أنه الى جانب خبرة الاستخبارات البريطانية، سيتم الاستعانة بقراصنة انترنت سابقين في إطار خطة لندن الدفاعية للتصدي لمجرمين وإرهابيين محتملين، يخططون لشن هجمات إلكترونية على بريطانيا. * وتعتبر استراتيجية الأمن الإلكتروني جزءاً من استراتيجية الأمن الوطني في بريطانيا، التي أطلقها رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، واصفاً »الأمن الإلكتروني في القرن الحادي والعشرين« بأنه مماثل "لأمن البحار في القرن التاسع عشر"، و"أمن الأجواء في القرن العشرين". * وتعتبر بريطانيا وحلفاؤها الغربيون، الصين وروسيا خاصة اكبر تهديدين لأمنهم القومي الالكتروني، كما انها لا تستبعد ان يتطور تهديد القاعدة ليشمل شن ضربات ارهابية الكترونية. وبحسب تقارير أمنية بريطانية فإن مصالح حكومية بريطانية تتعرض بشكل مستمر لهجمات من قراصنة يعتقد انهم (روسيا والصين)، بهدف الحصول على أسرار عسكرية وتقنية، وتخشى بريطانيا أن تصل إلى أيدي القاعدة، مثلاً. وتتخوف بريطانيا من أن تستهدف الهجمات المستقبلية البنى الحكومية التحتية، كمحطات الكهرباء وإدارات الطيران والأسواق المالية. * وفي السعودية، حذر الأمير مقرن بن عبد العزيز، رئيس جهاز الاستخبارات العامة في المملكة في بداية العام، من مغبة حرب إلكترونية محتملة. والذي من أجله أقدم جهاز الاستخبارات السعودي على إبرام مذكرة لإطلاق كرسي بحثي سيهتم ب»أمن تقنية المعلومة«، طبقاً لرئيس الجهاز الذي قال إن الحروب القادمة ستعتمد على كيفية القضاء على نظام متكامل ومسحه بشكل كامل.. فهناك قنابل وصواريخ إلكترونية تطلق على مواقع معينة لإعدامها تماما. * والآن ماذا عن الجزائر واستعداداتها لحروب المستقبل الالكترونية؟ * من اللافت أننا ربما لن نجد ولو جزءا قليلا على الأقل من الإجابة عن هذا السؤال المهم الا في تقرير صادر عن هيئة تابعة للمستعمر السابق للجزائر، حيث اعتبر تقرير صادر عن المهمة الاقتصادية الفرنسية في الجزائر، في الشهر الماضي فقط، أن قطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال في الجزائر يعاني من التأخر ما بين 5 إلى 10 سنوات. وقد يشكل هذا التأخر مؤشرا لمدى استعداد الجزائر وصلابة دفاعاتها الالكترونية، حيث يشكل انتشار تكنولوجيات الإعلام والاتصال في البلدان دليلا على مدى قوة وتحصين دفاعاتها الالكترونية وبالتالي استعدادها لأي تحديات تخص أمنها القومي وخاصة من البوابة الالكترونية. وبناء على ما تقدم فإن استراتيجية الجزائر الدفاعية في المستقبل حتما بحاجة الى اعادة تفكير ومعالجة أي تأخر وبسرعة، لأن الوقت لا يرحم.