يحاول الرئيس الفرنسي ساركوزي تجسيد المقولة السياسية الشهيرة التي تجد مقابلها في المثل الشعبي ''ما تغضب الراعي ولا تجوع الذيب''، بغرض حسم الصراع الدائر حول الهوية الوطنية بين داعين إلى إلغائه بسبب الانزلاق الخطيرة التي تابعنا تداعياتها منذ البداية، وبين مؤيدين يرون أن استمرار النقاش حولها أكثر من ضرورة حضارية، مثلما يرى بيسون، وبين مسلمين ومهاجرين غير مسلمين بالضرورة وجدوا أنفسهم في رهينة صراع مكيافيلي داخلي من الطراز الهابط بصورة غير مسبوقة• وحتى يبدو الرئيس حكما موضوعيا يوحد ولا يشتت ويجمع ولا يفرق على حد تعبير دومنيك سوبو رئيس منظمة ''أس أو أس راسيزم'' المحاربة للعنصرية، استمر في دعم وزير الهوية الوطنية والهجرة اريك بيسون، لكنه دعاه إلى تصحيح مسار النقاش نحو مقاربة أكثر بيداغوجية وأكاديمية خالية من الشحن وروح المزايدة المجانية والغطرسة والتعنت والتهور على طريقة مراهقي سن الخامسة عشرة• الرئيس لم يتوقف عند حد توجيه وزيره الخائن في نظر الاشتراكيين والتائب في نظر أنصاره الجدد من اليمين المهيمن، وتجاوز مستوى التصحيح الإصلاحي لقضية أصبحت تهدد صفوف أسرته السياسية وذلك باستقباله أبرز أعضاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وعلى رأسهم رئيسه محمد موساوي المغربي• وحسب موساوي فإن الرئيس ساركوزي لم يتردد في إبداء تفهمه لقلق الجالية المسلمة حيال المنعطف التراجيدي الذي اتخذه النقاش حول الهوية الوطنية، وفي تأكيد محاربته لكل ما يمس بكرامة وحقوق المسلمين، الأمر الذي دفعه إلى الاستجابة لطلب إنشاء لجنة برلمانية تسهر على دراسة كيفية محاربة الإسلاموفوبيا في ضوء تصاعد عمليات تدنيس مساجد ومقابر المسلمين كما جاء على لسان عبد الله زكري الذي تحدث ل''الفجر'' عن ذلك بجرأة لافتة في حوار مثير• المصلحة المتبادلة بين أعضاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والرئيس ساركوزي، تضمنت بشكل صريح ومباشر التنديد المبدئي بالبرقع الذي لا يمت بصلة للإسلام حسب أدبيات المجلس ويهين المرأة ويطعن في حق مساواتها مع الرجل على حد تعبير الرئيس الفرنسي، واتفق الطرفان بالعمل سويا على محاربة الظاهرة اليد في اليد على الرغم من تحفظ أعضاء المجلس على جدوى سن قانون بهدف منع النساء على ارتدائه في المباني والفضاءات العمومية وافترق الطرفان على أمل الالتقاء من جديد في مطلع السنة حول قبور المسلمين الذين سقطوا من أجل حرية فرنسا•