طالب العديد من المواطنين ببلدية الحمراية، الواقعة على بعد 100 كلم شمالي مقر ولاية الوادي، بفتح تحقيق حول الظروف الصحية المزرية التي يتلقونها يوميا داخل العيادة متعددة الخدمات، خاصة في ظل الانتشار الرهيب لعدة أمراض بالمنطقة، ولعل أبرزها الليشمانيوز الجلدي وأوضح بعض السكان ل”الفجر” أنهم لم يجدوا أي وصف يستطيعون وصفها به، فهي أقل ما تكون هيكلا بدون روح، فحتى اسم الهيكل تستطيع أن تسقطه عن هذه البناية إن صح التعبير، وأول ما تقترب منها تجد السور المحيط بها يفتقر لباب، فلا يجد الحيوان أو بعض الغرباء أية مشكلة في الدخول والتجوال داخل قاعات علاجها التي تفتقر لأدنى شروط النظافة والتجهيزات الصحية. وفي السياق ذاته تحدث الطبيب المناوب وعدد من الممرضات بكل صراحة عن الأوضاع المهنية المزرية التي يعملون بها، سواء فيما تعلق بالرواق المليء بمياه الأمطار التي نتجت عن تصدعات وشقوق الجدران، حيث تحول الرواق وبعض القاعات إلى برك مائية، أضف إلى ذلك زجاج النوافذ المتكسر الذي حول القاعة إلى محيط متجمد، حسب حديث إحدى الممرضات، وحتى قاعة جهاز الأشعة ”الراديو”، الذي خسرت الدولة على اقتنائه الملايين ولم يشغل لحد الآن، غمرتها مياه الأمطار. وخلال جولتنا الخاطفة داخل قاعاتها لم نجد تقريبا ولو نافذة واحدة زجاجها سليم، حيث يعمد الممرضون، كما قالوا، إلى الاستعانة بالبلاستيك لسد هذه الفراغات التي يدخل عبرها الهواء البارد في ظل الانعدام التام للمدافئ، وحتى القاعة المخصصة للرضع لم تسلم من كسور النوافذ، فكيف يعالج رضيع لم يتعد عمره الشهر في هذه الظروف المزرية، كما قالت الممرضة، أضف إلى ذلك النقص الكبير في الطاقة الكهربائية بهذه العيادة، فمعظم المكيفات لا تشتغل صيفا بسبب هذا الضعف. وما شد انتباهنا وجود العداد الكهربائي الوحيد في آخر الرواق وجميع خيوطه عارية، حيث قالت الممرضة بأنها وجدت طفلا صغيرا يعاني اختلالات عقلية يلعب قرب هذا العداد الذي إن لامس خيوطه فقد يتفحم لا محالة. وتضيف أنه لحسن الحظ أن الأمطار لم تصله وإلا كانت ستحدث كارثة في هذا المكان، في حين تقول قدمت لجنة وزارية رفقة مدير الصحة لزيارة هذه العيادة وقد وصفتها اللجنة وقتها بالنقطة السوداء لدى مصالح الصحة بولاية الوادي عموما. وتضيف ذات المتحدثة أن الحالة المزرية بقيت على حالها، بل تزداد سوء من يوم لآخر دون تحرك الجهات المعنية بالولاية.