أولا أفتتح كلامي بمباركة الساحة الثقافية على بلوغ الملحق الثقافي لجريدة الفجر عامه الأول، سالما معافى، وأقول سالما معافى لأننا دائما نخاف على كل مبادرة نوعية من شأنها الرفع من مستوى تداول الفكر والأدب في بلادنا وتعميق النقاش الحر السليم أعتقد أن بلادنا الكبيرة تاريخا، الواسعة جغرافيًا، متعددة المشارب ثقافيًا، المتنوعة لغويًا، الغنية بالتجارب الأدبية والفكرية المكرسة منها والشابة، تحتاج لتدارك ضياع الوقت ومحاربة الجذب الثقافي، في غياب المجلات الأدبية والعلمية، نحتاج إلى مبادرات جادّة مثل هذا الملحق الثقافي لجريدة الفجر الذي حقق رغم فتوة سنّه استقطاب بعض الأقلام ولفت انتباه القرّاء إليه من المهتمين بالأدب والفكر، سواء من خلال المادة الأدبية أو من خلال الحوارات التي أجريت مع كتّاب ومثقفين خرجت في عمومها من التسطيح والعادية إلى تلمس الانشغالات الحقيقية للمسكونين بالهم الثقافي. يجرني الحديث هنا وأنا أتمعّن في التجربة الفتية للملحق الثقافي لجريدة الفجر إلى مسألة أساسية، ومن دونها لا يمكن تثبيت مصداقية أي فعل ثقافي ألا وهي الحرية، فلا يمكن لملحق ثقافي أو مجلة ثقافية أو أدبية، ولا يمكن لمنبر ثقافي أن يفتك ثقة الكاتب والقارئ على السواء دون أن يؤمّن استقلاليته وتنصّله من كل طاقية سياسية أو قيد إيديولوجي مملى. فالحرية هي الشرط الأول لنجاح واستمرارية العطاء وكسب الثقة، وهذا ما ألمسه في أقلام جريدة الفجر اليومية وفي ملحقها الثقافي على السواء. ولأن الملاحق الثقافية، كانت دائما وما زالت السند الحقيقي للكتاب والقراءة والثقافة، فما زلنا نذكر تجربة ملحق جريدة الشعب وملحق جريدة الجمهورية اللذين خطا من درجاتهما كتّاب جزائريون إلى عالم الكتابة الواسع. وبدوره ما زالت صحف العالم المتحضّر تولي الملاحق الثقافية اهتماما جادا، ففي فرنسا على سبيل المثال لا يستغني القارئ عن ملحق جريدة لوموند للكتب في معرفة أهم الكتب الصادرة، وموقعها في ميزان النقد، ورصد مكانها في سلم الأهمية والانتشار، ولا يخلو العالم العربي أيضا من بعض الأمثلة لعل أهمها تجربة ملحق جريدة النهار البيروتية في تميزه وإصراره على التجاوز دائما. الحقيقة أن كل ملحق ثقافي يصرّ على أن يستمر وأن يتجدّد دمه وأن يكون فعّالا وذا مصداقية، لا بد أن يحاول، قدر الإمكان، الإفلات من التقارير الصحفية عندما يتعلق الأمر بنقد المؤلفات الأدبية والفكرية، والاستعانة في ذلك بالنقاد والباحثين والدارسين. أبارك عيد ميلاد الملحق الثقافي لجريدة الفجر، وأتمنى أن يستطيع محبوه ومتتبعوه قراءة صفحاته أيضا على الأنترنت وأرشفة مواده حتى يتسنى لمحبيه في القارات الأخرى الاستفادة من مواده على الصفحات الضوئية. عيد ميلاد أول، هي بداية ليس إلا.. إلا أن لي أمل كبير في المستقبل المضيء للملحق الثقافي لجريدة الفجر الذي تجتمع لديه أغلب عناصر النجاح أهمها إصرار القائمين عليه وأعتقد أنني أكاد ألمس حبهم المتغلغل في كل ما يقومون به.