عندما أقرت الحكومة قبل سنوات قانون المحروقات الذي ألحق أضرارا بالغة بالبلاد، باركه النواب ولم يعارضوه! وعندما تراجعت عنه الحكومة، بارك النواب هذا التراجع! ولم يحاسب أحد أي واحد في الحكومة والبرلمان عن الخطإ وعن إصلاحه! لأن منطق المساءلة والمحاسبة في المؤسسات الجزائرية غير وارد. وعندما أقر قطاع المحروقات قضية عقد الصفقات العمومية في هذا القطاع خارج قانون الصفقات.. وبتعليمة داخلية في القطاع.. لا أحد سأل أحدا عن هذا الخرق للقانون! واليوم وضعت سوناطراك كلها ومعها الجزائر على كف عفريت بحجة أن الفساد عصف بها.. ولكن لا أحد سأل أحدا عن هذا الوضع الذي وصلت إليه سوناطراك! وبالتأكيد ستسجل القضية كالعادة ضد مجهول ولا أحد سيحاسب أحدا! الأجانب يقولون إن سوناطراك الآن لا ترد! ولا يجدون مع من يتحدثون.. ويحدث هذا في قطاع حساس يتعلق بخبز كل الجزائريين! وعندما تحدث كوارث أخرى ألعن من كوارث الفساد.. ستسجل هي الأخرى بسبب مجهول! منذ سنوات والصحافة تتحدث عن تعاظم سطوة الفساد في البلاد.. وأن هذا السرطان أصبح هو الجهاز الوحيد في البلاد والذي يعمل بجدية وجد! وقد تبين اليوم أن الفساد أصبح من القوة بما كان بحيث أن من يحاول الاقتراب منه يهدده بشل البلاد! ومن مضحكات سوء التسيير في البلاد أن وزارة الصحة فشلت في مفاوضات مع مخبر بريطاني للعدول عن شراء 15 مليون جرعة لقاح ضد أنفلونزا الخنازير! والسؤال: كيف تعاقدت الوزارة على هذه الكمية دون أن تأخذ في حسبانها أمر الزيادة على حاجتها؟! وأقترح على هذه الوزارة أن تستورد هذه اللقاحات.. وتلقح بها الخنازير الجزائرية في الجبال! أليست الخنازير ثروة وطنية ينبغي حمايتها للصيادين؟! ما يقال عن الشلل الذي يقال إنه أصاب قطاع المحروقات يدل على أن الجزائريين شيدوا نظاما لا يفرق بين المبادرة وبين الفساد! كل المسؤولين في الدولة مشكوك في مبادراتهم إلا الرئيس! ولذلك علينا أن نبحث عن صيغة لنظام جديد يكون بموجبه الرئيس هو المدير العام لكل الشركات والمؤسسات! وهو الوزير لكل الوزارات! وهو القاضي لدى جميع القضاة! وهو المحامي في جميع الدعوات! إلى هذا الحد وصل حال تشييد دولة جزائرية لا تشبه أية دولة في العالم! حتى عمال قنصلية فرنسا في الجزائر دخلوا في إضراب لإصلاح فساد قنصلية وسفارة فرنسا في الجزائر؟! صدقوا أو لا تصدقوا، هذا هو الحاصل في البلاد هذه الأيام.