نشرت صحيفة الجزائر نيوز على صدر صفحتها الأولى أمس، تحقيقا كشفت فيه ما أسمته فضيحة الزواج العرفي في جامعة الخروبة، اعترف فيه العيد شريفي دكتور بمعهد الشريعة بإشرافه على تزويج الطلبة عرفيا، أو ما صار يعرف ب”زواج فرند” الذي أفتى فيه من سنوات عبد المجيد زنداني، وحسب الصحيفة فإن الظاهرة تنتشر بكثرة بين طلبة معهد الشريعة. لا أدري مدى انتشار الظاهرة في المعاهد الأخرى التي ليس بها أساتذة شريعة يبيحون هذا ويشرفون على قران الطلبة والطالبات في علاقة أقل ما يقال عنها إنها خارجة عن القانون وعن رضا أولياء الأمر، لكن الأكيد أن ما يجري في معهد علوم الشريعة إن صح ما تطرقت له الجزائر نيوز، فإن العواقب ستكون حتما وخيمة، ومن المفروض أن العدالة ستأخذ مجراها للتحقيق في الظاهرة التي ستخلف لا شك سلبيات، إن لم أقل مآس اجتماعية إذا ما أسفرت هذه الزيجات عن أطفال.. لكن أليست هذه مصيبة أخرى يصدرها لنا المشرق، لا تقل سوءا عن الإرهاب، الذي صدره لنا علماء مصر والسعودية، والفكر السلفي الغريب عن مجتمعنا.. فأين نحن من الإسلام الذي جاءتنا به طلائع الفتوحات الإسلامية الأولى واعتنقه أجدادنا؟ أين نحن من إسلام التسامح والقيم الاجتماعية الذي احتواه الجزائريون أثناء الاستعمار وذاد عنه عبد الحميد بن باديس بالقلم، مبعدا عنه المشعوذين والدجالين الذين كان الاستعمار يدسهم على الدين لإفراغه من محتواه التنويري؟ فأيّنا أقرب إلى الغرب لنكيف الدين الإسلامي على قيمه، نحن في شمال إفريقيا، أم هم في المشرق؟ هؤلاء الذين يصدرون إلينا اليوم فتاوى شارع الهرم؟ بل إن الغرب كان هنا، حيث بقيت فرنسا مدة 132 سنة خططت خلالها لضرب الدين والهوية، لكنها لم تفلح، ولم نعرف خلال هذه المدة بما احتوته من فكر تغريبي، لا زواج فرند ولا مسيار ولا زواج متعة ولا فتوى إرضاع الزميل وغيرها من الأفكار الغريبة التي صار المشرق (مصر والسعودية تحديدا) مولعا بها، والتي تدل على انحطاط في المجتمع المشرقي، بل هي تدل على أمركة الإسلام بصياغة فتاوى جديدة تخدم الغرب وأمريكا على الخصوص، فكانت الأسرة الجزائرية متينة في تماسكها وفي التفافها حول الدين الإسلامي، وفشلت كل مخططات لافيجريه التي حاولت استرجاع المجد الروماني في شمال إفريقيا انطلاقا من الجزائر. إن صح ما جاء في الصحيفة سالفة الذكر، فإننا مقبلون على كوارث اجتماعية باسم الدين، كوارث لم يخلفها فينا لا التبرج ولا الحرية الجنسية التي كان ينادي بها البعض وفشلت باسم الدين، لأن هذا الخطر يتخذ له الدين غطاء.