كشف خبير الشؤون الاقتصادية، فارس مسدور، عن نوايا البنوك الأجنبية التي انتشرت في كل شبر من تراب الجزائر، بدعوى إقامة منشآت في الخدمات المالية والمصرفية، لكنها في العمق تباشر خطر امبراطورية الخليفة، الذي لازال يؤرق الجزائريين إلى يومنا هذا. قال الخبير في تصريحه ل“الفجر” أمس، إن البنوك الأجنبية تتبع خطوات الخليفة في استثماراتها بالجزائر، إذ تستأجر المقرات والوكالات دونما شراء، مما يسهل عليها عمليات الإنسحاب وقتما شاءت، ولن تتمكن الحكومة من محاسبتها ومتابعتها قضائيا بحجز ممتلكاتها “وذلك ما تعتمده جل البنوك الأجنبية المستثمرة هنا، مستغلة هشاشة القطاع المصرفي، الذي يعد نقطة ضعف، ضرب من خلالها الخليفة، وتضرب من خلالها هذه البنوك الآن”، يقول محدثنا، الذي أكد على الخطر الذي تحمله هذه البنوك، وسيكون ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني، حيث اعتبر استراتيجيتها امتدادا لاستراتيجية الخليفة، وكما زالت امبراطورية هذا الأخير، ستزول هذه البنوك حاملة فوائدها خارج الجزائر في حال انسحابها، ولو تفرض عليها الدولة غرامات مثلما فرضت الآن على البنوك الفرنسية المخالفة للقانون، لكنها ستترك شرخا اقتصاديا، سيكون بمثابة نكسة في تاريخ الجزائر. في مقابل هذا حلل لنا الخبير وضع الإقتصاد الجزائري، الذي غرق في بؤر الفساد، نتيجة قضايا خطيرة على مستوى أكبر القطاعات القاعدية وطنيا، وهما قطاعا الطاقة والأشغال العمومية، فضلا عن اقتصاد “البازار” الذي تعتمده الحكومة.. “استيراد من أجل الاستهلاك فقط، ولا فرق بين النافع والضار للاقتصاد الوطني، ولا وجود لقيمة مضافة تستفيد منها الجزائر في تعاملات التجارة الخارجية”، حيث قدم مثالا عن ذلك، إذ تدفع الدولة حاليا 1.7 مليار دولار كفاتورة للأدوية، وقد كانت إلى وقت قريب لا تتعدى 500 مليون دولار، هذا ما يفسر الممارسات غير القانونية في سياسة الإستيراد. إلغاء قروض السيارات سببه خطر البنوك الأجنبية وبالرغم من أن الحكومة تفطنت، وأعلنت الحرب على أوكار الفساد، وتصفية المستثمرين المزيفين مع إعادة تأهيل المؤسسات الوطنية لوضعها في “سكة التنافسية” من أجل ضمان قدرات التنافس في الأسواق الداخلية، لكن الضربة التي تلقتها وستتلقاها، ستكون “هزة اقتصادية عنيفة”، قد أُنقذت منها الدولة حين ألغت القروض الاستهلاكية، التي منها قروض السيارات، توجسا لخطر البنوك الأجنبية، التي كانت ستطالب بتسديد ديون أصحاب القروض، عندما تتراكم، وطبعا يقول الخبير، الدولة هي من تتولى تسديد ديون رعاياها في حال تأزم الوضع، وبالتالي تخطت الجزائر هذه العقبة، وردت كيد هذه البنوك، إذ كانت تريد تفجير أزمة شبيهة بالأزمة المالية الأمريكية لسنة 2007، والتي لا تزال تداعياتها على العالم لحد الآن. ويدعو الخبير الحكومة إلى توخي الحذر في تعاملاتها واستغلال الاستقرار الاقتصادي بمراقبة كل دولار يخرج أو يدخل الوطن.