كشفت مصادر مطلعة ل ”الفجر” أن هناك زوجات وبنات لمنتخبين محليين وولائيين وحتى برلمانيين، وطالبات جامعيات وفتيات ماكثات بالبيوت، إلى جانب عجائز وشيوخ وأطفال وحتى أموات بولاية أم البواقي يستفيدون من منحة ال 3 آلاف دينار، على حساب الفئات المحرومة التي هي في أمسّ الحاجة لمثل هذه المنح الجزافية التضامنية هدّد والي أم البواقي، عبد الغني زعلان، بتسليط عقوبات ردعية واتخاذ إجراءات غير مسبوقة ضد كل من يثبت تورطه في التلاعب بمناصب الشبكة الاجتماعية مع إمكانية الإحالة على العدالة، وذلك في أعقاب تقرير لمديرية النشاط الاجتماعي بالولاية أماط اللّثام عن جملة من التجاوزات والتلاعبات بهذه المنح الموجهة خصيصًا للمنفعة العامة، ليتم تحويلها لأغراض سياسية وعشائرية مقيتة. وثبت حسب التقرير أن هناك طالبات جامعيات وفتيات ماكثات بالبيوت تربطهن علاقات بمسؤولين محليين لبعض بلديات الولاية، إضافة إلى عجائز وشيوخ وحتى أطفال تقل أعمارهم عن ال13 سنة، كانوا ضمن قوائم المستفيدين، بل حتى زوجات وبنات منتخبين محليين وولائيين وبرلمانيين يتقاضين منحة ال3 آلاف دينار جزائري، حسب ما توصلت إليه اللجنة الولائية لتطهير القوائم. واكتشفت اللجنة الولائية لتطهير القوائم في بلديتي بوغرارة السعودي وعين الزيتون وجود أزيد من 350 شخصًا من أصل 900 شخص لا ينتمون للفئات الاجتماعية المستهدفة، ورغم ذلك يستفيدون من المنحة دون وجه حق، سالبين بذلك حقوق الفقراء والمساكين وهذا بتواطؤ مفضوح ومكشوف مع رئيسي البلديتين المذكورتين آنفًا. وأمر والي أم البواقي في هذا الصدد رؤساء الدوائر ال12 والبلديات ال29 خلال اجتماعه الأخير مع المجلس التنفيذي بالمسارعة في تطهير القوائم الخاصة بالشبكة الاجتماعية وتدارك الأمور ”قبل سلّه سيف الحجاج لتقويم كل اعوجاج”. وأمهل من جهته مدير النشاط الاجتماعي لولاية أم البواقي رؤساء البلديات المعنيين بتطهير قوائم الشبكة الاجتماعية خلال مدة أقصاها 10 أيام لإعادة ضبط أسماء المستفيدين من هذه المنحة، قبل استقبال غلاف مالي قدره 17 مليار سنتيم جزائري سيوجه لدعم منحة الشيخوخة مقدم من قبل الوزارة الوصية، بعدما تقرّر رفع المنحة الشيخوخة من طرف الحكومة. ونشير إلى أن العديد من بلديات ولاية أم البواقي شهدت في الآونة الأخيرة احتجاجات شعبية عارمة، بسبب التلاعب الفاضح بملف الشبكة الاجتماعية. وكشف وزير التضامن الوطني والأسرة والجالية الوطنية بالخارج، جمال ولد عباس، أن عملية تطهير ملفات الشبكة الاجتماعية عبر الوطن ”دنستها عمليات الغش والاختلاسات فكانت سببًا في إقصاء 40 ألف شخص معنيين بالشبكة الاجتماعية”. وتعهّد ولد عباس بمحاربة محاولات تحويل المساعدة الاجتماعية، حيث تم تخصيص للقطاع غلاف مالي قدره 33 مليار دينار جزائري سنة 2009 مقابل 11 مليار دينار جزائري في سنة 2008، أي بزيادة 22 مليار دينار جزائري. فإلى متى هذا التلاعب العلني والخطير بأموال الفئات المحرومة، وإلى متى تبقى الحكومة الجزائرية تصرف الملايير من الدنانير دون أن تتحقق من وجهتها، وهل تذهب لمستحقيها أم لا...وهل مبلغ ال33 مليار دينار الذي رصدته وزارة التضامن الوطني سيذهب إلى أصحابه أو سيصب في جيوب الانتهازيين من المنتخبين المحليين؟؟
آراء في الموضوع
ولأهمية الموضوع المطروح، ارتأينا استطلاع آراء بعض المواطنين وأعضاء سابقين في المجالس البلدية، حيث يقول المواطن عبد المجيد خمخام ”هناك أموات يستفيدون من منحة الثلاثة آلاف دينار في عدة بلديات وعددهم كبير وطبعًا ليسوا هم من يأخذون تلك الأموال، وبالتالي فهناك عملية اختلاس موصوفة وعلى السلطات المعنية التدخل بقوة لمحاربة هؤلاء الوصوليين الانتهازيين آكلي أموال الفقراء والمساكين”. ويشير سعيد سعيداني، مواطن، إلى أن ”طالبات جامعيات تستفدن من منحة الشبكة الاجتماعية دون وجه حق، والفئات المحرومة التي تستحق تلك الإعانة الحكومية تقصى من تلك الاستفادة التي أنشئت خصيصًا لدعمهم. الكثيرون يتهمون الحكومة بالتخاذل وعدم إعانة المواطنين ذوي الدخل المحدود، لكن في الواقع أن المنتخبين المحليين والولائيين الذين ينتخبهم الشعب، للأسف الشديد هم من يغمطونهم حقهم وليس الحكومة”. ويكشف شوقي خليفي، عضو بلدي سابق، ”هناك حقيقة مرّة وقفت عليها شخصيًا أثناء عملي كعضو بلدي سابق وهي أن الأموال المخصصة للشبكة الاجتماعية كثيرًا ما تأخذ وجهة أخرى، ويا ليت كان الذين يستفيدون منها يستحقونها أو هم من الفئات المحرومة، بل بالعكس هم مواطنون يعيشون في بروج عاجية وقيمة ال3000 دينار لا تقدم ولا تؤخر من أمرهم شيئًا يذكر...لكن النهب والسلب وعقلية ”مال البايلك” هي المسيطرة على عقولهم النتنة ونفوسهم الميتة”. من جهته، قال المواطن جمال الدين حريزلي إن منحة الشبكة الاجتماعية الممنوحة من طرف الحكومة الجزائرية لا تأخذ غالبا طريقها إلى مستحقيها، بل تذهب إلى وجهة أخرى ”فمن الغريب أن تجد فتيات ماكثات بالبيوت تستفدن من المنحة الجزافية دون وجه حق، فيما الفئات المحرومة تعاني الأمرّين وذلك بتواطؤ مع المنتخبين المحليين. ومع ذلك نقول إن عدد فقراء الجزائر في ارتفاع”. ويرى سمير روماني، مواطن، أن الدولة الجزائرية في المجال التضامني غير مقصّرة بتاتًا، ”ولكن تقصيرها يكمن في عدم معاقبة ناهبي أموال الفقراء والمساكين خاصة رؤساء البلديات الذين يتاجرون في أموال التضامن الوطني مثلما تاجروا في قفة رمضان.. فلو كل ذي حاجة أخذ حقه كاملاً غير منقوص لما بقي جزائري واحد فقير”.