أريد المشاركة في حفل ابتهاج سعد بوعقبة، رئيس تحريري السابق في جريدة الشعب الغراء - مدرستي الأولى والأخيرة - قائلا قبل كل شيء إن تفرغ سعد للكتابة عن الثقافة يعد فلتة تاريخية وثقافية تفند صحة خطاب المتشائمين حيال مستقبل الجزائر سعد ثقافي وفني بمظهره الذي ينم عن ذوق كلاسيكي لا يتغير رغم ديكتاتورية الموضة المنهزمة أمام شخص وفيّ ل”كوستيمات” تذكرني دائما وأبدا بعلي عبدالله صالح وبلعياط، وبجسده المنحوت ربانيا على نحو يصلح مسرحيا وسينمائيا في أدوار كوميدية وتراجيدية، على السواء، وذلك استنادا للغته التهكمية الغارقة في مأساوية كتاباته السوداء، التي ينفرد بها دون الصحفيين الآخرين وطنيا وأوروبيا وعالميا. وظهور سعد يوميا في مقر “الفجر” يعد مسرحية “ون مان شو” من الطراز العالي؛ الذي يستحق عليه أجرة إضافية تقهر حدة ماليا، أكثر من أي وقت مضى. أن يبتهج سعد بإنجاز نادي الإعلام الثقافي الذي ولد - بعد أن عشش التطرف الإيديولوجي والديني في الجزائر بسبب سياسة الإقصاء المتبادل لغويا وفكريا وسياسيا، يعني أن يقظته المتأخرة غير المسؤول عنها شخصيا، إيجابية بكل المعايير، عملا بالمثل الفرنسي “تدارك متأخر أحسن من تأخر أبدي”. وإذا تعلق الأمر بتدارك يمس الثقافة فإن الأمر يصبح إنجازا قوميا بطله شخص عمل تحت إمرة رؤساء جمهورية ووزراء ومستشارين مدنيين وأمنيين مبطنين وصارخين؛ لم يلقنوا درس استحالة تصور تسيير سياسي سليم دون خلفية ثقافية صحيحة ومتينة ومعرفة تاريخية وحضارية متنوعة قدر الإمكان، ذلك أن الحاكم المطالب باستشراف المستقبل وباستباق التحديات لا يمكن أن يحقق المهمة النبيلة دون ثقافة الماضي الإنساني في السياسة والفن والتاريخ والسيكولوجيا والسوسيولوجيا والعلوم الأخرى.إ وإذا قسنا مدى توفر هذا الشرط عند الرؤساء العرب، نعرف خلفية مآسي شعوبهم. سعد الذي لم يكتب كما اعتقد أن تراجيديا الجزائر ثقافية - لأن السلطة كانت ومازالت تهمش المثقف غير التابع وتشجع المنبطح والانتهازي المتحالف مع جهلة يسخر منهم في جلسات حمراء بعيدا عن العسس - يعترف من حيث لا يدري سيكولوجيا أن اعترافه وتنويهه بشبان مثقفين جريئين من أمثال جنود الملحق الثقافي حقيقة مرادفة لتكفير عن ذنب فرض عليه أيام محاورتي وردة التي طردت نفسها إلى غرفة ثانية في “سويت” فندق الجزائر؛ بعد أن ضجرت من سؤال هل صحيح غنيت أمام السفير الإسرائيلي في القاهرة؟ وردة تصرفت بشكل عنجهي وغير مؤدب، لأنها كانت تعتقد أنني أخشى طرح مثل هذه الأسئلة على فنانة كبيرة تحسن الغناء، لكنها تجهل فن التواصل الحضاري والثقافي والديمقراطي المفقود عند بني جلدتها في كل الأصقاع العربية دون استثناء، بغض النظر عن تفاوتات غير حاسمة. لخضر بن تركي يوضع في نفس خانة تحليلي لخرجة سعد التاريخية ويستحق التحية والتنويه، وهو يعرف أن مركز الثقافة والإعلام سابقا والديوان الوطني للثقافة والإعلام اليوم، كان أقرب إلى مفهوم النادي الغنائي وبنادي الإعلام الثقافي الذي يجب أن يفتح للجميع عكس ما يفعل خضرة في باريس يمكن التحدث عن ثقافة في انتظار عودة الروح إلى المكتبة الوطنية الميتة منذ رحيل الأمين زاوي، بسبب ثقافي استنادا لتأويلي مفهوم الثقافة كما ذكرت .