سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحدث عن إرهاب ثقافي في الجزائر، المطرب الكبير، نوري كوفي، في حوار غير عادي ل "النهار":سأعتزل الفن إذا بقيت الثقافة الجزائرية في يد شخصين أو ثلاثة.. لأنني لا أقبل أن يهينني أحد
المسؤولون عن الثقافة عندنا هم من يحددون مصير ومستقبل الفنان.. تصوروا أنني أبيع الحلويات التقليدية في باريس ظل شامخا متميزا بفنه وظهوره الأصيل منذ قرابة 20 سنة، لم يتغير ولم تؤثر فيه إخفاقات البعض وانبهارات البعض الآخر بما يطفوهنا وهناك من مظاهر فنية طارئة، لا نجده تقريبا في كل المهرجانات والتظاهرات الثقافية التي تقام هنا وهناك، وخاصة خلال الصيف، متشائم جدا من راهن ومستقبل الفن والثقافة في الجزائر، "لأن القائمين عليها لا يمدون بصلة لهذا العالم"، كما يقول. هل همشوه أو منعوه من الغناء أو غيبوه، أسئلة وأخرى أجاب عنها المطرب الكبير "نوري كوفي" بأجوبة أحيانا وبأسئلة أكثر حدة أحيانا أخرى، حيث ظل يقول دائما أثناء تشريفنا بزيارته لمقر جريدة "النهار"، هذا الأسبوع، "إن الفن عطاء وإبداع وإخلاص قبل كل شيء"، رغم تعبيراته الناقمة عن واقع الفن وإهمال الأصيل منه، وعلى غياب دور حقوق المؤلف في مراقبة السرقات الفنية المتكررة لرصيده الفني، وعدم حصوله على أي دينار مما يبث أو يذاع من أغانيه في المؤسسات الرسمية أو الحفلات الشعبية. * نحن في عز المهرجانات والحفلات والسهرات واسم "نوري كوفي" غير موجود في كل القوائم إلا في الحفل الذي نظمته مؤسسة فنون وثقافة، لماذا؟ - وجهوا هذا السؤال إلى الشخصين أو الثلاثة القائمين على كل شيء في كل التراب الوطني، لماذا في كل مرة يغيبونني وكأن اسمي يخيفهم، نوري كوفي يهمش لأنه يتكلم ولا يقبل الذل، وهو الذي يدافع عن الفنانين في كل مرة حتى أصبحت بمثابة المشاغب والمقلق، لم أشارك في المهرجانات والحفلات منذ سنوات، وحتى في تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية، لم أشارك في أي أسبوع ثقافي، تصوروا، هل هذا يعقل؟ هل لأنني لا أوافق رأي فلان أو علان في أفكاره يكون هذا مصيري، والله لو بقيت الأوضاع على ما هي عليه اليوم سوف أعتزل الفن نهائيا. وبالمناسبة، أشكر القائمين على مؤسسة فنون وثقافة على تنظيم هذا الحفل على الأقل لجمهوري الذي يسأل عني باستمرار ويظن أنني توقفت. ** هل ترى الحل في الهروب ورفع الراية البيضاء والاستسلام للوضع كما نلمس من كلامكم؟ أبدا، لم أهرب، ولولا جمهوري الكبير في كامل التراب الوطني لتوقفت منذ سنوات. تصرفات بعض المسؤولين عن الثقافة في وطننا متواجدين في مناصبهم منذ سنوات ولا أحد يحاسبهم أو يناقشهم. دائما نفس الأسماء التي تتكرر في كل المهرجانات والحفلات والأسابيع الثقافية، هل المغني الذي يصنع اسما بأغنية في الصيف جدير بتمثيل الجزائر في الخارج، ماذا فعلوا بالتراث الوطني؟ هل يجب علينا أن ننزل من مستوانا ونسجل أي كلام ونتنازل عن مبادئنا ونقبل شروطهم وابتزازهم حتى يرضون بي؟ أسئلة أطرحها بحدة على المعنيين وعلى الرأي العام. ** ألهذا السبب نجد المطرب نوري كوفي يحيي الكثير من الحفلات في الخارج فقط؟ في السابق نعم، لكن اليوم أنا أبيع الحلويات التقليدية في باريس، تصوروا؟ أستاذ في الموسيقى ومطرب منذ 40 سنة وأؤدي الأغنية التراثية في نوع تقريبا لم يعد يؤديه أي مطرب، وأجد نفسي مهمشا بهذه الطريقة. أنا لا أطلب صدقة من أي أحد، لكنني لا أريد أن يحرم جمهوري من الفن الذي يحبه ويعشقه. تصوروا في 2004 وفي عز الصيف وفي حصة بإذاعة وهران المحلية، احتل ألبومي "لالا مليكة" المرتبة الأولى مدة ثلاثة أشهر. كيف تفسرون هذا؟ المشكل عندنا في المسؤولين وليس في الجمهور. في كل مرة يبررون أخطاءهم ويقولون إن الجمهور هو الذي يطلب الأغاني الراقصة الخفيفة، لكن الواقع غير ذلك تماما، لا يحبون الفنانين الذين يبحثون عن الجودة والنوعية، يبحثون عن ملء الفراغ وفقط، لا يهم من يحيي الحفل، وكيف كان المردود أو النتيجة، المهم بالنسبة لهؤلاء المسؤولين أن ينتهي الحفل وخلاص. ** يقال إن نوري كوفي يحيي أعراس الشخصيات والمسؤولين الكبار في البلاد فقط، هل مازلت مهتما بالحفلات الخاصة أم ستعتزلها كذلك؟ لولا جمهوري والناس الذين يحبون الفن الأصيل لتوقفت منذ زمان، لا أستطيع أن أرد شخصا يطلبني لإحياء فرحه. والكلام الذي يقال عني غير صحيح، لأنني أحييت أعراسا لأناس بسطاء وعاديين جدا، بالإضافة طبعا للأشخاص الذين يعرفون قيمتك ويقدرونك سواء في تلمسان أو خارجها. أنا مقيم بين والعاصمة وتلمسان وباريس، والحمد لله، ألاقي كل الترحاب والحب والاحترام أينما غنيت من طرف الجمهور الذي يعرف الفن الحقيقي. ** ما هو الحل في رأيك للخروج من هذه القوقعة التي نتخبط فيها منذ سنوات، وفي كل مرة يقول القائمون على الحفلات إن الجمهور هو الذي يحدد نجاح وفشل المطرب؟ المشكل أن المسؤولين عندنا هم الذين يحددون مصير الفنان ومستقبلة وحياته، يغيبون من يحبون ويبرزون من يحبون، وكل الملايير تذهب يمينا وشمالا ولا أحد يحاسب، ولا أحد يعاقب، والكل ساكت على المهزلة الموجودة في عالم من المفروض أن يكون المرآة التي يشاهدنا العالم من خلالها في الخارج. الجزائر التي تملك أغنى تراث وأكبر مساحة جغرافية وثقافية وبشرية أصبحت بمثابة قزم بالمقارنة بالبلدان المجاورة الصغيرة جدا، لأنها توفر إمكانيات ضخمة وكبيرة جدا لفنانيها الذين يصبحون نجوما في يوم وليلة ويصبحون مطلوبين في كل البلدان كالأمراء. ** أنت أستاذ في الموسيقى، هل تشجع تلاميذك على الدخول إلى عالم الفن واحتراف الغناء؟ بكل صراحة، لا أريد أن أتحمل ذنوب مثل هذا الأمر وأشجعهم على المغامرة والمجازفة، لأن الفن في الجزائر أصبح معركة متواصلة وكأنك ستدخل الحرب. اليوم الذي ستقسم فيه مهام الإشراف على الثقافة على مجموعة من الناس الذين يفهمون في الثقافة والفن، ربما سأغير موقفي، لكن حاليا لا شيء يشجعك على المواصلة في هذا الميدان المتعفن، والذي يوصلك إلى الإهانة، وأنا لا أقبل على نفسي أن يهينني أحد.