أنا أكتب، إذًا أنا موجودة؟ تاء التأنيث المربوطة لا تخنقني، تاء التأنيث تجمّلني، كقلادة لؤلؤ تضيء عنقي الممدود اعتزازا. تاء التأنيث المفتوحة، فتحت أمامي كل سبل الحرية والانطلاق، لم أتعثر في نتوءات نون النسوة، لم أحمل عبء نقطتها على جسمي الممشوق الرشيق، نون النسوة نور ونار ونعمة لي. أنا ”الحية” ألدغ كل من يحاول رفع أنوثتي أسوارا تسجنني، أنا الصابرة على ”النائبات” وأتمنى أن يكن كثيرات تحت قباب برلمان فعلي يبنين صرحا حقيقيا للديمقراطية، أنا كل المسميات التي يتندر بها اللغويون، انتقاصا لي، وينسوا أنني الزهراء وجنات وجميلة وأمال ودليلة ودلال وفاطمة مدللة الرسول (صلعم) والأخريات. أنا الجزائرية، أنساب كالماء في صمت عبر كل الفضاءات، فتحت المدارس لنشر العلم، أطرت معاهد البحوث العلمية، أنا المربية والوزيرة وعاملة النظافة والطباخة والطبيبة والصحفية والبطالة والحرا?ة، أنا أخت الرجال وأمهم والمشجب الذي يعلقون عليه خيباتهم. أنا الوحيدة التي فتحت مركز علم السموم في الجزائر والله وحده يعرف كم أقاسي وأقاوم لنشر ثقافة عامة حول تخصصي، قالت أمس الأول السيدة بركاهم الأمير بنت بلدة ليشاني التي قالت عنها وهي تقرأ كلمة بمناسبة تكريمها في حفل الوطنية للاتصالات ”نجمة”، ربما أن أغلبكم لا يعرف ليشاني ببسكرة هي نقطة صغيرة في الخريطة لكنها كبيرة بتاريخها فمنها انطلقت ثورة الزعاطشة لمقاومة الاستعمار، وتصححها السيدة عائشة معمر، محافظة بالمتحف الوطني كرمت هي الأخرى بالمناسبة، وقالت أن ليشاني تعود للعصر الروماني وبها آثار رومانية ما زالت محفوظة، السيدة تحفظ عن ظهر قلب كل الأغاني الأندلسية التي كانت ترددها الجميلة زكية قارة تركي، طبعا قلت لها ممازحة حتى هذه تحفظينها في متحفك يا محافظة. طبعا لم نعد حافظات فقط لجوارير المربى والطرشي في مطابخنا، نحن نحفظ الشعر ونحافظ على الهوية. ألم تكن هذه مسؤوليتنا أثناء الاستعمار، حفظ التقاليد والهوية؟ وأنا حسيبة، أول محافظة عقارية في الجزائر، قالت سيدة أخرى، المهنة التي تكسرت عليها أسنان الكثيرين، وكانوا كلهم يتهامسون عند تعييني أنني لن أصمد وستنكسر حتما أسناني، فكلكم تعرفون حتما مشاكل العقار في الجزائر، لا أرشيف ولا خرائط والكثير من المشاكل. وأنا زهية، كم كان سهلا عليّ أن أتكلم لسنوات خلف الميكروفون في القناة الثالثة، وليس من السهل أبدا الآن الحديث وأنا هنا أمامكم، زهية التي أحبها لبساطتها وعفويتها، وشعرها الأبيض الذي زادها وقارا ولم تنجذب يوما لبريق الأصباغ والمساحيق، زهية ياحي الرجل الآخر في مبنى وزارة الثقافة الذي يضم عددا من الرجال بتاء تأنيث مربوطة، كربطة عنق عند من لا تاء تأنيث لهم. معذرة لخديجة وياسمينة ولكل النجمات المكرمات أمس الأول لضيق المكان هنا، لكن قلبي يسعهن كلهن ويفتخر بكل واحدة منهن.