تعرف الأكلة الشعبية المعروفة باسم “الكارانتيكا” رواجا كبيرا بمناطق وأحياء مختلفة بمدينة سيدي بلعباس، حيث باتت تنافس محلات الأكل السريع، خاصة مع الارتفاع الكبير للأسعار الذي تشهده الوجبات المقدمة بهذه الأخيرة، وكذا تدني القدرة الشرائية للمواطن الذي أصبح يبحث عن ما يريح جيبه قبل صحته. المتجول عبر أحياء المدينة، سواء الشعبية أو غيرها، يلحظ عدم خلو أي شارع من محل لبيع الكارانتيكا، ويلحظ أيضا الكم الهائل للزبائن الذين يتهاطلون عليها قبل وقت الغذاء بساعات لسد جوعهم بأكلة مشبعة ولذيذة ومنخفضة الثمن، حيث لا يتعدى سعر الوجبة الواحدة 10 دج. مالك، 43 سنة، يملك محلا للأكل السريع بالقرب من السوق اليومي وسط المدينة، ولدى ولوجنا لمحله حوالي الساعة الثانية مساء وجدناه ممتلئا عن آخره بالزبائن، حيث أكد لنا أنه، من كثرة الطلب على الكارانتيكا، قام بتوظيف ثلاثة شبان لمساعدته وخدمة كافة الزبائن. وما شد انتباهنا أن معظم زبائنه من النساء اللاتي تبين أنهن من ضواحي المدينة، يأكلن الكارانتيكا عند قيامهن بالتسوق. وأضاف مالك المحل أنه ورث المهنة عن خاله الذي كان يشتغل لديه في صغره، وأنه لم يفكر ولو لمرة في تغيير نشاطه. وعن مدى تحقيقه للأرباح، صرح أنها أكثر طلبا من البيتزا التي بدأ في بيعها مؤخرا، وأن زبائنه من مختلف الفئات بداية من مرتادي السوق إلى التجار وحتى الموظفين من بعض الإدارات المجاورة. ولا تقتصر هذه الأكلة على المحلات، بل تعدت ذلك إلى طاولات العائلات العباسية خاصة ذات الدخل الضعيف، التي وجدت فيها ملاذا في كثير من الأحيان بسبب الغلاء الفاحش للخضر بمختلف أنواعها. هذا الإقبال جعل أسعار الحمص المطحون ترتفع يوما بعد يوم، حيث يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد منها بين 140 دج إلى 180 دج حسب النوعية. وأكد صاحب أحد المطاحن التقليدية بحي سيتي ميمون، أنه يطحن أسبوعيا 20 قنطارا من الحمص الذي يبيعه لتجار الجملة، والذين بدورهم يبيعونه لتجار التجزئة، وأن الإقبال عليه في زيادة مستمرة ولا ينحصر على التجار فقط بل حتى المواطنين الذين يفضل بعضهم اقتناء المادة من المطاحن مباشرة، لضمان الحصول على الحمص الصافي، إذ أن عديد التجار يعمدون إلى خلطه بمسحوق الخبز وبيعه لتحقيق الأرباح السهلة. الأكلة الشعبية هذه، يرجع تاريخها وأصلها، حسب بعض صانعيها، إلى الإسبان الذين احتلوا الغرب الجزائري في القرن 17، حيث تعلمها الأهالي منهم آنذاك. ولكن رغم من مرور حقبات من الزمن، إلا أن الأكلة لا تزال تحتفظ بشكلها الأصلي وطريقة تحضيرها الأصلية، حيث تعتمد أساسا على مكونات بسيطة أولها الحمص المطحون وكمية من الماء وكمية من الزيت وحبات من البيض والملح، تخلط المكونات وتطهى، وتقدم ساخنة مع الكمون والهريسة.