لن يتوقع أي جزائري أنه سيتعرض لغش تجاري في أنواع العطور، وباسم الماركات العالمية بعلاماتها الأصلية، لا اختلاف بينها سوى في المكونات التي لا يعلمها سوى أصحابها المروجون لهذه التجارة المشبوهة تعبئة القارورات ب 100 دج وبيعها يتجاوز الألف دينار ونحن نقف على سوق الدلالة بساحة الشهداء أول أمس، تعرضنا في حديثنا مع أحد الباعة إلى السرّ وراء بيع قارورات فارغة وعلب عطور أصلية جديدة، فأجابنا صاحبنا وهو يرشق أحد العجائز بنظراته، وكأنه يلتمس منها مساعدة في شيء بقوله: “هذه تجارتنا نحن الباعة، لكن اسأل تجار العطور الموازيين، هم أدرى بالإجابة”. وقبل أن نسأله مرة أخرى، تدخلت العجوز، وأعطتنا إجابة السرّ المدفون وراء التلاعب بصحة المستهلك وباستخدام ماركات عالمية، حيث أكدت لنا - دون أن تعرف هويتنا- أن بناتها يقتنين هذه القارورات الفارغة لمختلف ماركات العطور الأصلية سواء المخصصة للرجال أو النساء، ثم يتجهن نحو “عطّارين” ينشطون في الخفاء دون سجلات قانونية، منهم المتواجدون بضواحي ساحة الشهداء، من غير تحديد مواقعهم رغم إيهامنا إياها أننا نرغب في المتاجرة معهم، غير أنها اكتفت بالقول بأنها تتعامل وبناتها مع هؤلاء التجار، الموزعين أيضا على أحياء باب الوادي، يقومون بتعبئة القارورات الفارغة من مختلف العلامات الكبرى للعطور وبنكهات مختلفة أيضا، تشبه إلى حد كبير العطور الأصلية. الغلاف أصلي والمحتوى مجهول إلى هنا بدا الأمر عاديا لمحدثتنا ولذلك الشاب، إلا أن الغريب في الأمر أن محتوى هذه التعبئة لا يعلمها إلا أصحابها “عطاري الخفاء”، ويجهل المتعاملون معهم مختلف المواد التي تدخل في تركيبة هذه العطور، والتي يتم تعبئتها في قارورات لماركات عالمية. وكم أدهشنا الأمر، حين قالت العجوز بأن هؤلاء “العطارين” يملكون علبا للتغليف “أصلية” لهذه الماركات وفي حالة جيدة، وبالتالي تضيف ذات المتحدثة، أن تجار العطور يشاركون أيضا في العملية، حيث يتم بيع هذه العطور بمحلات تجارية وبسوق الدلالة، ولا فرق بينها وبين الماركة الأصلية، خاصة أن الزبون لن يفكر في وجود الغش في هذه الحالة، لأن العلبة والقارورة أصليتان لكن.. المحتوى مجهول. العطور المقلدة بأسعارها الأصلية في كثير من الأحيان يتم تسويق هذه العطور بأسعارها الأصلية، كما هو في العلامة الأصلية، أي بنحو ألفين إلى 4 آلاف دج، وإن تم تخفيض سعرها فيتم بيعها بنحو ألف دج بسوق الدلالة، رغم أن تعبئتها لا تتجاوز 400 دج كأقصى حد، و100دج كأدنى حد. وقد ذهبت محدثتنا إلى أخطر من هذا كله، حيث تظن أن هناك من يصنع قارورات مطابقة مائة بالمئة للعلامات الأصلية، وعلب تغليف مطابقة أيضا، ويتم شحنها بعطر يجهل المستخدم محتواه لكنه يقتنيه بأسعار الماركات العالمية..!