إذا كان للخيول سروجها ووسائلها التقليدية، فإن للإبل أيضا رواحلها التي تمثل كراسي تقليدية مزخرفة ومتقنة.. حتى أصبحت بمثابة التحفة قبل كونها مقعدا يجلس عليه البدوي عند ركوبه الجمل. بدأت صناعة الراحلة تعود من جديد وبشكل بطيء بعد اختفائها مدة سنوات، ويعتبر إعادة بعث هذا النوع من الصناعات التقليدية القديمة رغبة لدى العديد من شيوخ حرفة صناعة الأواني الحرفية المستعملة من طرف البدو الرحل في حياتهم اليومية، سواء تعلق الأمر بأواني الطهي أوالشراب أو ركوب الإبل، وما يتبع ذلك من وسائل قديمة، هي اليوم في الواجهة وضمن اهتمامات سكان تندوف. والراحلة عبارة عن كرسي تقليدي مصنوع من الخشب ومزين بأنواع الزخارف والألوان، وهي السرج الذي يستعمله البدوي أثناء ركوبه الجمل أو قيامه بأي سباق. ومن الشيوخ التندوفيين المهتمين بصناعة الراحلة، التقت “الفجر” مع (بيبات) وهو بصدد إعداد راحلة، سألناه عن المادة التي يستعملها في صنع الراحلة فصرح بأنها تشمل قطع الخشب والجلود المدبوغة، وتتكون الراحلة من القربوص، ويأتي في مقدمة الراحلة، وهو على شكل مثلث مصنوع من الخشب، يلي ذلك الصفف وهي صفائح خشبية توضع على جنبات الراحة، ثم تانتفرت وهي قاعدة الراحلة من الوراء، إضافة إلى توفر الراحلة على الغربان واللبدة التي تثبت وتشد على سنامي الجمل بوسائل تقليدية تدعى الحلقة، وهي حلقات حديدية ذات شكل دائري وتمسك ب “الغرضة” وهي حبال متينة من الجلد، إلى جانب “لكشاط” وهو حبل جلدي يشد الراحلة بشكل جيد. ورغم بساطة وسائل صنع الراحلة إلا أن ثمنها يتجاوز 15 ألف دينار، خاصة إذا كانت مزركشة ومزخرفة بأنواع الصباغة، والتي تكلف المرأة الحرفية مدة يومين كاملين. وإذا كانت للراحلة هذه المكانة الكبرى في تاريخ ركوب الإبل عند سكان تندوف، إلا أن العناية بها كإنتاج تقليدي ماتزال غائبة.. هذا ما صرح لنا به أحد الصناع الحرفيين الذي عبّر عن التهميش واللامبالاة بهذا التراث الفني الأصيل، وطالب تأسيس يوم خاص بالجمل والراحلة، كونهما يعبران عن ثقافة حرفية وتاريخية عميقة للسكان.. فمن الأسف أن يكون إظهار الراحلة مرتبط فقط بالمناسبات وهو ما لا يرغب فيه صناع الرواحل كحرفيين مختصين في مثل هذا النوع من الحرف، والذي هو قادر على التسويق خارج الولاية إذا توفرت الإمكانيات لهؤلاء. ويتوقع العديد من الآباء والشيوخ زوال هذا الصنف الهام من الحرف النادرة بتندوف، لذا يدعون إلى ضرورة حمايتها من الإنقراض البطيء.