صحافة بلا أخلاق مهنية.. أو لنقل ناقصة أخلاق مهنية!؟ هذا أمر صحيح إلى حد بعيد.. لكن ليست الصحافة وحدها في الجزائر هي التي تعاني من نقص الأخلاق المهنية!؟ لا أعتقد ذلك..! فكل المهن تعاني من نقص الأخلاق المهنية وعلى رأس هذه المهن جميعا مهنة السياسة! هل السياسيون في الجزائر يمارسون السياسة بأخلاق؟! هل علاقة الساسة في السلطة بنظرائهم من الساسة في المعارضة تتم بأخلاق؟! الكل يعرف أنه لا توجد أخلاق في تعامل ساسة السلطة مع ساسة المعارضة! فالخلاف في الرأي بين المعارضة والسلطة يؤدي في بعض الأحيان إلى تخوين ساسة السلطة لزملائهم في المعارضة وبلا أخلاق.. لمجرد أنهم خالفوهم الرأي في كيفية تسيير الشأن العام! ويحدث أيضا أن تخون المعارضة أو شبه المعارضة ساسة السلطة لمجرد أنهم اختلفوا مع المعارضة في أمر من الأمور..! لهذا نقول: إن فساد أخلاق الصحافة يعود في جوهره إلى ظاهرة فساد أخلاق السلطة..! والأمر هنا يعود إلى العلاقة القوية بين الصحافة والسياسة في الجزائر! هل من الأخلاق السياسية مثلا أن تسند السلطة المسؤوليات لأناس يفتقرون إلى الأخلاق في التعامل مع المال العام؟! ثم تقوم بمعاقبتهم بلا أخلاق أيضا؟! وخارج أطر العدالة والقانون في بعض الأحيان! وهل تعامل الصحافة مع هذا الفساد بلا أخلاق يعد مساسا بأخلاقيات مهنة الصحافة؟! إن محاولة تكوين صحافة ذات أخلاق عالية في ممارسة المهنة تشبه إلى حد بعيد من يحاول بناء أخلاق إمام تقي وسط مخمرة أو معهرة أكرمكم الله! إن الحديث عن أخلاقيات مهنة الصحافة بمعزل عن الحديث عن أخلاقيات المهن الأخرى، ومنها السياسة والنيابة والوزارة، هو حديث لا فائدة منه.. تماما مثلما كان الحديث يجري أيضا عن حرية الصحافة بمعزل عن حرية البلد والشعب..! فكما لا يمكن إنجاز صحافة حرة في بلد مستعبد وغير حر! لا يمكن أيضا إنجاز صحافة ذات أخلاق في نظام بلا أخلاق سياسية.. ومثل هذا الأمر يشبه حال منطوق الحديث النبوي الشريف.. خضراء الدمن! فهل يمكن إنجاز صحافة خضراء الدمن؟!