لست حريصا جدا على تسوية شعري ولا يهم إن طال أو قصر، فهو في كل الأحوال ليس شعرا آسيويا من الحرير الأسود وإنما هو شعر وسط بين الأوروبي والإفريقي: رفيع خشن ويحتاج إلى فن تسوية الشعر بالهواء الساخن والكريمات. أي لابد من الذهاب إلى الحلاق.. وإن كانت الصين، أعزها الله، قد أطلقت علينا المئات من رجالها ونسائها يدقون الأبواب ويسألون: شعر أو لحية! أي تحب أن نقص لك الشعر أو اللحية. يعني لا يوجد عندنا مشكلة. وإنما أرادت الصين أن تجعلنا نحرص على الكسل فلا نبرح البيت إلى صالون الحلاقة.. ومن يدري ربما كانت عندهم وسائل لا نعرفها في جعل الشعر آسيويا حريريا لامعا.. ولكن يدي على كتفي الأديب شريف الشوباشي وذهبنا إلى أحد الصالونات في باريس. إنه ليس صالونا وإنما هو مصنع للجمال.. لصناعة الجمال والفرجة على الجميلات. وكانت التي تقص لنا شعرنا جميلة.. كاملة الأوصاف واسم الكريمة ميشلين.. أشارت أن نهبط وراءها.. وهبطنا. وأشارت أن نجلس فجلسنا نقرأ في المجلات، فتظاهرنا ونظرنا من صفحات المجلات إلى الجميلات يصففن شعورهن ونحن ننتقل بين العيون والشعور والسيقان بعض الوقت. ولم نشعر بالوقت. وجاءت ميشلين وقالت: هكذا واعتدلنا كما قالت.. وهكذا وانحرفت كما أشارت.. وهكذا ودنوت منها حتى كدت أسمع دقات قلبها.. أما ما بعد ذلك فلا يهم.. فقد جاءت بالماء الساخن المعطر.. وجاءت بما يجفف الشعر وبما يجعله أكثر لمعانا وكان يطيعها يمينا وشمالا مع أنه لا يفعل ذلك معي. وعدت مرات كثيرة إلى باريس وقررت أن أتسلل وحدي إلى ميشلين وأدعوها إلى غداء. ووافقت وأسعدني ذلك. وجاءت وقدمت لي زوجها يحمل طفلها الأول.. ومن القاهرة سألني صديقي شريف الشوباشي: إزاي الحال؟ قلت: حال إيه.. مش ميشلين تزوجت. ولا بد أن سماعة التليفون قد سقطت من يده أو من يدي! أنيس منصور