كان طلب الصديق والإعلامي رشدي رضوان يتأرجح، بين إحراج الصديق الذي يعرف أن رده نادر و"خبث" الصحفي المبني على رغبة في توريط ما.. لاسيما أنه لم يطرح سؤالا واضح المعالم بشأن ملف اليوم.. أقف على هذا الإنطباع وقد قبضت جمرة الحيرة بين أصابعي وأنا أبحث عن زاوية ما لأثرثر قليلا أو كثيرا في شؤون الفرح، الإنتصار، الفوز، وما والاها من حالات نفسية معقدة تسكن الجزائر هذه الأيام من رأسها إلى أخمص قدميها. تورطنا والجمرة بين الأصابع إذن، وانتهى الأمر، تماما كما يشعر كثير من الجزائريين اليوم وقلوبهم تجري كرة من نار وكرة من ثلج تارة أخرى بين أقدام المنتخب الوطني الذي أعاد البسمة إلى شفاه الملايين من أبناء البلد، وكانت البسمة الصاخبة والخرجة الشافية في مهب ريح ملوك الطوائف الجدد الذين لا يريدون أبدا رؤية أسنان الجزائريين. هكذا إذن يعيد الفريق الوطني قليلا من الفرح المختلس، وكثيرا من الإرتباط الوثيق بالوطن العزيز.. وأعاد للعلم الوطني رفرفته في ملكوت السماء.. أعاد الفريق الوطني كل هذا، وفشل المهرجون من هواة السياسة في إقناع شاب بالإنتخاب، أو رد شاب آخر احترق رأسه بؤسا عن ركوب قارب الموت. من هنا نبدأ.. أو علينا أن نتساءل بمرارة.. كيف نبدأ مقاربة صناعة الحياة بدل التفنن في صناعة الموت، كيف نقيم أعراسا للوطن تكون نجوما تضيء قلوب شباب الجزائر الراقص في الشوارع، أعراس حقيقية غير مزيفة، أعراس تنهد إلى الأمام بوعي، ولا تراوح مكانها تحت تأثير مخدر الفرح العابر.. من هنا أصرخ بهدوء.. أحب أن أفرح ولكن؟! وقبل أن يخوض أي قارئ في تأويل ما أشير إليه فيما سبق من سطور غالبا ما تموت على الورق الذي كتبت عليه، أجدني مضطرا لقطع ألسنة المزايدين بكل مقدس ومدنس في الجزائر، ألسنة وإن كنت أمقت العنف ما ظهر منه وما بطن يجب أن تقطع من الحلقوم، لأنها أبواق التغبية المستدامة التي تجهض كالعادة الأصوات الصادحة من الهامش بما يجب لهذا الوطن من حب وإعزاز يدوم ولا يذوب، وتشهر على كل مناد على الفرح بالبلاد بوعي وهدوء بعيدا عن الكرنفالية، تشهر عليه سيف البلاد واليأس وأحيانا أخرى سيف الخيانة العلنية والتشويش على أصحاب الرموش المستعارة والخيبة المستعارة.. لقد حان الوقت لتقف الذات الجزائرية على صحوها وسكرها، وأن تقرأ أن في السكرة متعة ولكن طولها يؤدي إلى فقدان الذاكرة، فقدان الوجود. أحب أن أفرح ولكن.. أشتهي فرحا يدوم ولا يذوب، نفرح بانتصار الفريق الوطني ونهتف له ونغني تماما كما نفرح بنبوغ شباب في المعرفة والفنون في الجزائر المترامية الأطراف، تماما لو يتألق مثقفو الجزائر في المحافل الدولية. يبدو أن فيما سبق كفاية، فاللبيب بالإشارة يفهم.. رغم أن في القلب كلام غزير وعزيز، ولكن لكل مقام مقال. ومع ذلك قلبي مع حملة الراية الوطنية في الموقعة القادمة مع أميرة العالم. ختاما في الجزائر شعب نادر يستحق أن يفرح حقا.. يستحق أن يغني، ولذلك نراه كذلك يقاوم بالفرح والبقاء.. يقول فرانك سيناترا: "إن شعبا لا يغني، هو شعب محكوم عليه بالهزيمة.."