قال ابن عرفة:”الحسد أن يتمنى زوال نعمة أخيه وكونها له دونه”. والغبط:”أن يتمنى مثلها له من غير زوالها عنه”، وقيل الحسد تمني زوال النعمة، وربما يكون مع ذلك سعي في إزالتها. وقال ابن الأعرابي: الحسد مأخوذ من الحَسْد وهو القراد، والمعنى يقشر القلب كما تقشر القراد الجلد، وتمتص الدم، والحسد مذموم والغبط محمود. وكذلك جاء في الحديث:”المنافق يحسد والمؤمن يغبط”. فأما قوله عليه الصلاة والسلام:” لا حسد إلا في اثنتين: فمجاز والمعنى لا حسد يضر، قاله ابن الأنباري وقولهم لا أعدم الله لك حاسدا كناية له بالنعمة إذ لا يحسد إلا ذو النعمة. فالحسد آفة اجتماعية خطيرة، ورذيلة قبيحة، يرمي المتصف بها إلى الاستحواذ على ما لدى الغير من نعم، وفضائل، متمنيا وطامعا في أن لا يبقى شيء منها بحوزة من حسده وأبغضه. وأنه شيمة النفوس الضعيفة، والهمم القاصرة، والأمزجة المختلة، يفسد المجتمعات، ويسمم العلاقات، ويزرع الضغائن والأحقاد، ويعرض لعقاب الله وغضبه. إن الدين الإسلامي ذم الحسد، واعتبر أن لكل إنسان رزقه وموهبته وعمله ورسالة يؤديها في هذه الدنيا الفانية، لأن الحسد لن يزيل نعمة مقدرة على أحد، كما أن الشخص الحسود غالبا ما يجهل قيمة نفسه والنعم التي أكرمه الله بها، ولذلك نجد أن أهل الكتاب يحسدون المؤمنين على نعمة الإيمان قال تعالى:”وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم”. (البقرة 109).