فعلى عكس الأقسام الأخرى بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، يعرف قسم أمراض النساء حالة من الاكتظاظ والازدحام، إذ لا تتسع القاعات المخصصة لإيواء جميع المريضات اللواتي يقصدن المكان للتداوي، ما يضطر إدارة المصلحة في أغلب الأحيان إلى التصرف لاحتواء الأوضاع والتكفل بالمريضات بالطريقة التي تضمن سلامتهن وإنقاذ حياتهن من الموت. وحسب المعلومات التي استقيناها من عين المكان بناء على معاينة ميدانية، فإن إدارة المصلحة تلجأ في أغلب الأحيان إلى إدراج حالات أخرى ضمن الغرف المخصصة لشخصين فقط، أو تقليص مدة إقامة المريضات بمجرد تماثلهن للشفاء قصد فسح المجال لحالات أخرى. وأصبح مشكل الاكتظاظ يفرض منطق الأسبقية والأولية في دراسة ملفات المريضات، وعلى هذا الأساس يقوم الطاقم الطبي على معالجة الحالات المعقدة مقارنة بالحالات الأخرى، وحتى إن كان هذا الحل ترقيعيا بالنظر إلى أن الحق في العلاج مضمون للجميع، إلا أن الضغط الذي تواجهه المصلحة جعلها تسيير الأمور بهذه الطريقة إلى غاية فتح الجناح الذي لاتزال الأشغال لم تنته به حتى الآن. وأكدت مريضة أتت من ولاية المدية أنها لم تستطع حتى الآن الظفر برخصة لإجراء عملية جراحية، وهو ما أدى بها إلى مواصلة العلاج بالعقاقير الطبية، بدلا من استئصال المرض بشكل نهائي وهذا لوجود حالات أكثر تعقيدا. وأشارت سيدة أخرى قدمت من ولاية بسكرة لإجراء عملية جراحية كونها حامل بتوأمين وضعيتهما غير طبيعية، أنها استفادت من الإجراءات اللازمة للعملية الجراحية في الوقت المناسب، وهذا لأن أي تأخر في ملفها يعني الموت المبرمج. ومن الآثار السلبية التي سجلناها أيضا بذات المصلحة، هو عدم إيواء المريضات المعنيات بعمليات جراحية يوما قبل إجرائها، حتى وإن أتين من ولايات أخرى غير العاصمة، باستثناء بعض ولايات الجنوب الجزائري، وهذا لفسح المجال لأكبر عدد ممكن من المريضات للتداوي، بعد العملية الجراحية التي تدشن المرحلة الحقيقية للشفاء من المرض. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الطريقة المعمول بها في المستشفيات الأخرى التي لا تشهد ضغطا مماثلا، تلجأ إلى إيواء المريض من يوم إلى ثلاثة أيام كاملة قبل إجراء العملية الجراحية، وهذا قصد التتبع الجيد لحالة المريض وتحضيره الجيد للعملية الجراحية وضمان نجاحها. والمؤسف حقا، أن حتى المريضات اللواتي يقصدن المصلحة لإجراء العمليات الجراحية يقبعن أمام غرفة العمليات يشكلن طابورا وهن مرفوقات بأغراضهن، التي يشدد المسيرون على أن تكون محصورة في كيس صغير حتى لا تحجز حيزا كبيرا داخل الغرف. ونفس الشيء ينطبق على غرفة الإنعاش التي تعج بأسرة المرضى، إلى درجة أن الطاقم الطبي المخصص لرعايتهن يمارس نشاطه بشق الأنفس، لأن عدد المريضات أكثر بكثير من عدد عناصر الطاقم الطبي. والمسجل أيضا، أن حالة الاكتظاظ التي تطبع المصلحة تشتد وطأتها خلال فصول الشتاء، الربيع و الخريف، على عكس فصل الصيف الذي يقل خلاله الضغط، وهذا لعدم برمجة أغلبية العمليات الجراحية خلال هذا الفصل بسبب ارتفاع درجة الحرارة التي لا تساعد على الشفاء العاجل للمريضات وربما إلى تعقد حالتهن. وأكدت شهادات بعض عمال المصلحة، أن الجهود التي يقومون بها تفوق أحيانا طاقتهم، مشيرين إلى أن فتح الجناح الذي تجرى عملية تجديده بالطابق الثاني ستساهم في الحد من الضغط الذي تعرفه المصلحة، خاصة وأن المصلحة مجهزة بطاقم طبي ذو خبرة عالية جعلت العديد من المصالح المختصة في أمراض النساء بالمستشفيات المتواجدة على مستوى العاصمة ومثيلاتها بولايات الوطن تلجأ إلى توجيه الحالات الأكثر تعقيدا إلى المصلحة لمعالجتها.