من يتذكر قضية اسمها مخيمات اللاجئين بلبنان؟ من منا يتذكر صبرا وشاتيلا؟ ذات صيف 1982، عندما كانت مخيمات اللاجئين عرضة للعدوان الإسرائيلي من جهة، وميليشيات لبنان العميلة من جهة أخرى؟ كدنا أن ننسى هذه القضية التي بقيت وصمة عار في وجه الأنظمة العربية، بل وفي وجه الإنسانية كلها. اللاجئون الذين وعدهم العرب سنة 1948 بأن مأساتهم لن تطول، وأن الجيوش العربية آتية لنصرتهم، ولإعادتهم إلى بيوتهم.. وطال الإنتظار أزيد من 60 سنة!! كدنا أن ننساهم مثلما كدنا أن ننسى القضية برمتها، قضية فلسطين، فمأساة غزة المحاصرة أخذت كل الإهتمام، ونسينا آلاف اللاجئين في مخيمات تفتقر لأدنى الشروط الإنسانية في لبنان. فلم نعد نطالب بحق العودة الذي تشتت صفوف الفلسطينيين بشأنه، لا حق العودة، ولا حتى حق العيش في كرامة على وجه الأرض. حتى المظاهرة التي خرجت أول أمس في شوارع بيروت تطالب بحقوق مدنية للاجئين، لم تكن على درجة من الطموح، واكتفت فقط بالمطالبة بالحق في العمل والحق في التملك، والحق في الدراسة.. وهي مطالب منطقية من شأنها أن تخفف من معاناة اللاجئين، لكنها تبقي الجرح مفتوحا. المتظاهرون رفعوا شعار الحقوق المدنية كتمهيد لحق العودة، لكنهم يدركون في قرارتهم أن هذا مجرد كلام للإستهلاك، يدركون أن القضية ضاعت وراحت ضحية صراعات الفصائل، بين صراعات حمساوي وفتحاوي، وراحت ضحية المتاجرين بها وضحية الفساد في صفوف السلطة، وفي حماس على السواء. فلم يعد هناك من يرفع مطالب حق العودة كشرط أساسي في كل مفاوضات السلام المزعومة، ولم يعد هناك حتى من يؤمن بهذا الحق في الواهمين والحالمين بسلام مع إسرائيل. ربما لهذا خرج لاجئو المخيمات ببيروت مطالبين بحق العمل والعلاج والتملك. الآن، ومن يدري، قد يطالبون مستقبلا بحقوق مواطنة واندماج في المجتمع اللبناني، ويضعون بهذا حدا لتشرد وتمزق أجيال من الفلسطينيين صدأت مفاتيح بيوتهم المعلقة كقلادة ثمينة على صدورهم، ويدفنون إلى الأبد حلما صار كابوسا يشتت الصف العربي والصف الفلسطيني. وهذا بالضبط ما تريده إسرائيل.. الإنتهاء من قضية اسمها فلسطين، وفلسطينيون يحلمون بحق العودة.