دول إفريقية وأوروبية تنتهج خطة الإجراءات الحمائية لإنقاذ اقتصادها ذكر التقرير الخامس لتنبيه التجارة العالمية، الذي أعدّه مركز أبحاث السياسات الاقتصادية في لندن مؤخرا، أن الجزائر تغلبت على المصالح التجارية والأطماع الأجنبية للمستثمرين المقيمين على ترابها، وذلك باتخاذ جملة من الإجراءات الحمائية لحماية الاقتصاد الوطني. يأتي هذا التفوق بحسب التقرير، بعد استغلال الجزائر لمرحلة الأزمة الاقتصادية العالمية في صالحها، بما أنها عرفت استقرارا من ناحية المداخيل والسيولة النقدية، مع تسجيل احتياطي صرف يكفيها مدة ثلاث سنوات فاق 150 مليار دولار، رغم تذبذب أسعار الذهب الأسود ”النفط” في بورصة برنت الشمال، الذي تستند إلى مؤشراته مبيعات الجزائر من البترول والغاز، غير أن خطوة الجزائر هذه، منحتها قوة استرجاع مكانتها في السوق الدولية، ليس من باب قوة الاقتصاد والاستثمارات خارج المحروقات، لكن من حيث إخضاع المستثمرين الأجانب المتواجدين على ترابها إلى إجراءات تخدم الاقتصاد الوطني والمقاولات المحلية بإشراكها في التنمية الداخلية بشكل أكبر، ومكّنها أيضا من استرجاع بعض حقوقها التجارية وفي مجال التعاملات مع الأجانب، وذلك بتدوينها لبند جديد هو ”حق الشفعة”، تراقب من خلاله كل عمليات البيع والشراء وكذا أصول الشركات التي تستثمر هنا، والأكثر من ذلك تمكّنت من إخضاع الاتحاد الأوروبي لإعادة جدولة بنود اتفاقية التبادل الحر وترجمتها إلى حقوق مخولة للجزائر، لإعادة النظر في السلع التي تدخل إلى إقليم الدولة برا وبحرا. كما مكّنتها الإجراءات الحمائية الجديدة من السيطرة على مطامع الأجانب الذين يقتحمون أسواق الجزائر بداعي الاستثمارات، ثم يغزونها تجاريا ويجعلون منها معبرا نحو إفريقيا وأوروبا بحسب رغبتهم، غير أن تحرك الدولة الأخير، ساهم وإلى حد بعيد في التفوق على هذه المطامع، كما سيقوّض أيضا من نشاط المتلاعبين من رجال الأعمال الجزائريين في عمليات الاستيراد، وذلك بتحديد حصص تمويل العمليات من قبل البنوك، مع مراقبتها عن طريق رسالة القرض المستندي، لمنع تهريب العملة الصعبة إلى الخارج، بالإضافة إلى مراقبة تحويل أرباح الشركات الأجنبية إلى بلدانها الأصل. وبفضل هذه الإجراءات، يقول التقرير، إن الجزائر تمكّنت من تجاوز الأضرار التي لحقت بمصالح عدد من القطاعات الاقتصادية الهامة دون التفصيل فيها. 960 إجراء حمائي مطبق عالميا وتوصل التقرير إلى عدة نتائج هامة أبرزها أنه ومنذ قمة أزمة مجموعة العشرين في نوفمبر 2008 طبقت حكومات العالم 496 إجراءً حمائيا بما يعادل إجراء لكل يوم عمل أضف لها 86 إجراءً مطبقا على بعض المصالح التجارية الخارجية، مما رفع المجموع الكلي لها إلى 582 إجراء. وأضاف أنه من بين 247 إجراء جديد، تم تطبيق 131 إجراءً حكوميا ضد المصالح التجارية الأجنبية بزيادة في العدد الإجمالي لتلك الإجراءات المطبقة في قاعدة ”جي تي أيه” لينتقل العدد من 496 إجراء إلى أكثر من نصف عدد التقارير المرفوعة عن الإجراءات، وتسجل في مجموعها النهائي 960 إجراءاً دوليا. وقد لفت التقرير إلى اعتماد عدد من دول العالم، لا سيما الأوروبية والإفريقية على الإجراءات الحمائية، منها روسيا، تنزانيا وأوغندا، وكذا الصين التي أعدت 211 إجراءً حمائيا لحماية مصالحها الاقتصادية، تتجاوز في مجموعها الإجراءات المتخذة على مستوى كل دول الاتحاد الأوروبي.