مازال الغموض يكتنف عملية القضاء على عناصر من تنظيم القاعدة في عمق التراب المالي نهاية الأسبوع بعد أن تضاربت المعلومات حول حقيقة الهدف منها ونتائجها ومن نفذها.وبدا التناقض واضحا بين مواقف السلطات الموريتانية التي تبنت الهجوم والفرنسية التي أكدت تقديم دعم لوجيستي لها وبين ما سربته مصادر اسبانية حول حقيقة ما جرى في وقت بقيت الولاياتالمتحدة تلتزم الصمت إزاء اول عملية عسكرية يتم الإعلان عنها ضد ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وحسب رواية السلطات الموريتانية أمس فإن الغارات التي شنتها قواتها على مواقع لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي خارج الحدود الموريتانية خلفت مقتل ستة من عناصر هذا التنظيم الإرهابي. وأكد وزير الداخلية الموريتاني محمد ولد بويليل أن أربعة مسلحين تمكنوا من الفرار بينما أصيب خامس بجروح بليغة بالإضافة إلى استرجاع ترسانة من مختلف الأسلحة الحربية ومتفجرات وذخيرة وأجهزة وآلات اتصال متطورة في مكان وقوع الهجوم. وقال الوزير الموريتاني في ندوة صحفية عقدها يوما بعد هذا الهجوم أن العملية حظيت بدعم تقني ولوجيستي فرنسي وهو ما أكدته وزارة الدفاع الفرنسية التي أشارت إلى أن العملية تمت خارج التراب الموريتاني. ولم يحدد الوزير الموريتاني مكان استهداف هذه المجموعة المسلحة واكتفى بالقول أنها تمت خارج حدودنا وليس بعيدا عنها في تلميح إلى احتمالات تنفذيها في داخل العمق المالي. ودافع الوزير الموريتاني عن هذه العملية وقال انها لم تكن بهدف إطلاق سراح الرعية الفرنسي ميشال جيرمانو الذي اختطف في أفريل الماضي في منطقة شمال النيجر وتم اقتياده إلى صحراء دولة مالي المجاورة ولكن من أجل منع الإرهابيين من استهدافنا في يوم 28 جويلية الجاري.وجرى الاعتقاد أن العملية تمت بإيعاز من السلطات الفرنسية التي تسعى لإطلاق سراح رعيتها وهو ما يبرر تدخلها المعلن في إقليم دولة ذات سيادة في سابقة هي الأولى من نوعها في إطار محاربة التنظيمات الإرهابية في منطقة دول الساحل. ولكن المسؤول الموريتاني شدد على إزالة أي تلميح إلى التدخل الفرنسي في افريقيا وقال ''إننا نشكر فرنسا على المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها لنا لإنجاح هذه العملية التي سمحت لجيشنا من القضاء على الإرهابيين الذين كانوا يعتزمون إلحاق الأذى بنا''.ولكن وزارة الدفاع الفرنسية أكدت أن المجموعة الإرهابية المستهدفة هي التي رفضت إلى حد الآن تقديم أدلة على بقاء الرعية الفرنسي على قيد الحياة والشروع في حوار من أجل إطلاق سراحه. يذكر أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي منح مهلة إلى غاية هذا الإثنين من أجل تلبية مطلبه وإلا فإنه سيقدم على إعدام الرعية الفرنسية البالغ من العمر 78 عاما. وإذا كانت وزارة الخارجية الفرنسية قد حيت نجاح هذه العملية إلا أن الكثير من المتتبعين أكدوا فشلها بقناعة انها كانت تهدف إلى إطلاق سراح الرهينة الفرنسي. وزادت مخاوف السلطات الفرنسية من احتمالات إقدام الإرهابيين على إعدام الرعية الفرنسي ميشال جيرمانو وخاصة وأن معلومات تم تسريبها أكدت أن الجماعة هي نفسها التي أعدمت الرهينة البريطاني ايدوين ديفر قبل عام من الآن. وهو الفشل الذي يكون قد جعل الرئيس الفرنسي نيكولا ساكوزي يرفض التعليق على العملية العسكرية للقوات الموريتانية والإسناد اللوجيستي الذي قدمته فرنسا لنظيرتها الموريتانية. وقد أكد وسيط مالي ممن لعبوا دورا محوريا في كل المفاوضات التي تمت إلى حد الآن بين المتطرفين ودول الرهائن الغربيين أن العملية كانت تهدف فعلا إلى تحرير الرهينة الفرنسي المختطف.وأضاف هذا الوسيط الذي تحفظ عن ذكر اسمه أن ''كل ما أعلمه أن الموريتانيين ذهبوا إلى الصحراء حيث كان يعتقد بتواجد الرعية الفرنسي هناك ولكنهم لم يعثروا عليه. وكان هذا التنظيم الإرهابي اختطف الرعية الفرنسي في منطقة صحراوية في شمال دولة النيجر يوم 22 أفريل الماضي وهدد بإعدامه إن لم تستجب السلطات الفرنسية لشروطه ومنها إطلاق سراح العديد من عناصرها المعتقلين في العديد من دول منطقة الساحل. ولكن صحفا اسبانية شككت في رواية السلطات الموريتانية والفرنسية وذهبت إلى ابعد من ذلك عندما أكدت نقلا عن مصادر دبلوماسية أن قوات كوموندو فرنسية وبدعم لوجيتسي وتقني أمريكي هي التي نفذت عملية الهجوم. وتطرقت الصحف الاسبانية إلى هذه العملية لتؤكد درجة تذمر الحكومة الاسبانية من إقدام السلطات الفرنسية على تنفيذها وخاصة وان رهائن اسبان مازالوا بين أيدي الخاطفين في مناطق مجهولة من دول الساحل.